"عمل الله" عائلتي الثانية

عدلا سركيس، صاحبة القصّة

سبعة عشر عامًا مرّت على انضمامي إلى "عمل الله" مذ التقيت ببعضٍ من مؤمنيها في خلال القدّاسات في كاتدرائية مار إسطفان في البترون. لقد لفتني خشوعهنّ واحترامهنّ للقربان المقدّس. كان من الممكن تمييزهنّ لأنّهنّ لسن من الرعية أو المنطقة. ففي بلاد البترون، تعرف العائلات بعضها البعض. تقدّمتُ يومًا من إحداهنّ وسألتها عمّن تكون هي والبنات اللواتي برفقتها. فقالت أنّ اسمها خوليانا وهي لبنانية وُلدت في كولومبيا، وقد أتت في سنة 1997 إلى لبنان لبدء العمل الرسولي لـ"عمل الله" فيه.

أردتُ أن أعرف عن الموضوع أكثر، فدعوتهنّ إلى بيتي لشرب القهوة والتحدّث. في نهاية الزيارة، أعطتني خوليانا صورة القدّيس خوسيماريا إسكريفا مع الصلاة، واقترحَتْ أن تأتي في اليوم التالي مجدّدًا من أجل عرض فيديو عن هذا القدّيس وعن "عمل الله". إستغنمْتُ الفرصة لأدعو عددًا من الأصدقاء والجيران واجتمعنا كلّنا في بيتي من أجل مشاهدة الفيديو.

عدلا سركيس
عدلا في وسط الصورة

بدأ كاهن من "عمل الله" بالمجيء إلى منطقة البترون مرّة كلّ شهرٍ من أجل صلاة تأملية وسماع الإعترافات. وقد دعتني خوليانا إلى المشاركة في هذا اللقاء الشهري وكانت في كلّ مرّة تسألني إذا ما كنتُ أرغب بالإعتراف. كنتُ دائمًا أرفض، إذ اعتَدتُ، منذ صغري، أن أعترف ثلاث مرّات في السنة فقط، في عيد الميلاد وفي عيد الفصح وفي عيد السيدة. وفي يومٍ، لخجلي من الرفض المستمرّ، قبلتُ الدعوة للإعتراف. تكلّمتُ مع الكاهن مطوّلًا ودُهِشتُ بوِدّه واهتمامه. وقد سألني عن نفسي وعن عائلتي وأولادي وعن سبب ارتدائي اللون الأسود، فأجبتُه بأنّي فقدتُ ابنتي حديثًا. فادتني كثيرًا كلماته المعزّية ونصائحه، وصرتُ، في كلّ مرّةٍ، أسرعُ إلى كرسي الإعتراف للتحدّث معه.

بعد فترةٍ، بدأتُ المشاركة في حلقات التنشئة المسيحية في مركز "عمل الله" في الأشرفية، بيروت. فآنذاك، كان هذا المركز الوحيد الموجود في لبنان. وما لبثتُ أن طلبتُ الإنضمام إلى الحبرية كـ"سورنوميرير" (surnuméraire).

وإنّي اليوم شاكرةٌ الله من كلّ قلبي على نعمة الدعوة إلى "عمل الله" وعلى العائلة التي منحني إيّاها من خلالها. فهذه السنة، فقدتُ إبنتي الثانية، بعد معاناة مع المرض دام طويلًا، وفي خلال هذه المرحلة الصعبة، لم أشعر أنّي وحيدة أبدًا. فبالإضافة إلى الصلاة الدائمة التي كان يرافقني الجميع بها والتي منها أستمدّ القوّة، كان حضورهم ودعمهم سندًا لي وتعزية.