ألثّالوث الأقدس

إنّه السّرّ المركزيّ للإيمان والحياة المسيحيّة. فالمسيحيّون معمّدون باسم الآب والإبن والرّوح القدس.

1-إعلان الله الواحد والمثلّث

" السّرّ المركزيّ للإيمان والحياة المسيحيّة هو سرّ الثّالوث الأقدس. فالمسيحيّون معمّدون باسم الآب والإبن والرّوح القدس".(راجع 4،4،Compendium). حياة يسوع، بمجملها، هي إعلان عن الله الواحد والمثلّث: إبّان البشارة، بمناسبة ولادته أو وجوده في الهيكل عندما كان في الثّانية عشرة من عمره، ساعة موته وآن قيامته، يسوع يظهر بصفته إبناً للّه، بطريقة جديدة، نسبة إلى البنوّة التّي يعرفها شعب إسرائيل. في مطلع حياته العلنيّة، أيضاً، وفي لحظة عماده حصرًا ، يشهد الآب للعالم، بنفسه، أنّ المسيح هو الإبن الحبيب (راجع متى 3: 13-17 ،وما يتبع)، فيما الرّوح القدس يحلّ، بذاته، بشكل حمامة. تجاه هذا الإعلان الأوّل الصّريح للثّالوث يوازيه ظهور آخر إبّان التّجلّي، وهو يتقدّم السّرّ الفصحيّ ( راجع متى 17: 1-5 وما يتبع). أخيرًا ، مودّعًا تلاميذه، يرسلهم يسوع يعمّدون باسم الأقانيم الثّلاث الإلهيّة، لتصل إلى العالم أجمع حياة الآب والإبن والرّوح القدس الإلهيّة.

في العهد القديم، أظهر الله وحدانيّته وحبّه للشّعب المختار: يهوه كان كأب. إنّما بعد أن تكلّم غالباً بألسنة الأنبياء، تكلّم الله بإبنه (راجع عب 1: 1-2 ) معلنًا أنّ ليس فقط يهوه هو بمثابة أب، بل هو أب ( راجع 46 ، Compendium ) . يسوع، في صلاته، يخاطبه مستعملاً التّعبير الآرامي، وهو التعبير الذي كان يستخدمه الأولاد الإسرائيليّون ليخاطبوا به أباهم الخاصّ (راجع مر 14: 36 ). هو يميّز دائماً بنوّته (للّه)، عن تلك الخاصّة بتلاميذه. وهذا طالما شكّل صدمة لمعاصريه، فنستطيع القول إنّ السّبب الحقيقيّ للصّلب كان واقع تأكيده أنه إبنًا للّه، بالمعنى الحصريّ. إنّه إعلان نهائيّ ومباشر(1)، لأنّ الله يُعلَن ذاته من خلال كلمته (أي يسوع، الكلمة): لا نستطيع أن ننتظر إعلاناً آخر، لأنّ المسيح هو الله (راجع يو 20: 17 ) من أعطانا ذاته، مشركاً إيّانا في الحياة الّتي تنبع من حضن أبيه.

في المسيح، يكشف الله عن ذاته، وهو أمر لا يمكن إدراكه بقوة الإنسان الذّاتيّة لوحدها(2).هذا الإعلان، بحدّ ذاته، هو فعل حبّ، لأنّ الإله الشّخصيّ للعهد القديم، يفتح قلبه، والإبن الوحيد يأتي للقائنا، لكي يصبح واحداً معنا، ويأخذنا بمعيّته إلى الآب (راجع يو 1: 18). هذا الأمر، لم تكن الفلسفة لتستطيع أن تكتشفه لأنّ الإيمان وحده يمكنه أن يعلمنا إياه.


(1)راجع توما الأكوينيّ In Epist . AdGAl.,c.1,lect.2 .

(2)" لقد ترك الله آثاراً حول كيانه الثّالوثيّ في الخلق وفي العهد الجديد؛ إنّما عمق كيانه كثالوث مقدّس يشكّل سرًّا لا يُدرك من قِبَل العقل البشريّ، وحتّى للإيمان الإسرائيليّ، قبل تجسّد إبن الله، وإرسال الرّوح القدس. هذا السّرّ أُعلِن من قِبَل يسوع المسيح، وهو أساس الأسرار الأخرى كافّة" ( ملخص التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 45 ).