ابنتي "الفائقة الإمكانيات"

ولدت أنجيلا عام ٢٠٠٣ مع عوارض "متلازمة داون". وبعد 12 سنة، يؤكد والدها اليوم، أنه ومن خلال الإيمان بالعناية الإلهية، يمكن لمواجهة هذا الواقع أن تجلب معها مكافآت كبيرة.

٢٦ اذار ٢٠١٥

سمعت مرة أحدهم يقول، إن إنجاب طفل مصاب بـ"متلازمة داون" هو بمثابة الإستعداد بحماس كبير لرحلة إلى فلورنسيا، وثم، بعد إقلاع الطائرة، يقول لك الطيار أن الهبوط سيكون في هولندا. حسناً، ففي هولندا أيضاً يوجد أماكن رائعة ومناظر خلابة ومدن لزيارتها.

في حالتنا، وبعد لحظات أولية من الخوف وبعض الدموع، حاولنا، زوجتي وأنا، تقبّل ابنتنا "الهولندية" الصغيرة بسرور. وعلى الرغم من أننا لم نكن نعرف كيف ستسير بنا الأمور، قلنا: "هذا هو منزلها، لقد أرسلها الله إلينا كهبة، ولذلك أنا متأكد أنه لسبب جيد. لذلك لا أفكار سلبية بعد الان ولنبدأ بالعمل".

سرعان ما واجهتنا مشكلة غير متوقعة، وهي المشكلة التي يعاني منها العديد من الأطفال المصابين بالحالة نفسها. فابنتنا كانت تعاني من اضطراب عضوي خطير فضلا عن التحديات النفسية، وقال لنا الطبيب: "يبدو أن لديها ثقب صغير في قلبها وعلينا مراقبته عن كثب وبحذر. ففي بعض الأحيان، تتحسن الحالة بمفردها، وفي أحيان أخرى تكون الحاجة ماسة إلى إجراء عملية".

في حالة أنجيلا، سرعان ما اتضح أنها سوف تضطر إلى الخضوع لعملية جراحية. كانت الجراحة ناجحة وشفيت بسرعة لحسن الحظ. استعادت شهيتها وكانت تتحسن بسرعة وكانت قادرة على القيام بالتمارين العلاجية دون أن تتعب في الحال.

عندما أتمت الثالثة، بدأنا بالتفكير في أي مدرسة علينا أن نسجلها: مدرسة متخصصة في وضعها أو مدرسة عادية؟ في النهاية قررنا ارسالها، مثل أخواتها، إلى مدرسة الـ Entreolivos، وهي مدرسة أُسست نتيجة مبادرة آباء وأمهات، بعضهم ينتمي إلى حبرية "عمل الله" (أوبس داي) مثلي، إلى جانب عدد من أصدقائهم.

أظهر الموظفون في هذه المدرسة استعدادا كبيرا للتكيف مع وضع جديد ومختلف، رغم عدم تمتعهم بخبرة كبيرة في هذا المجال. خضع المعلمون لتمرينات على كيفية تحضير الصفوف والمواد التعليمية لتتناسب مع وضع أنجيلا الخاص، وشكّل دخولها وانخراطها في المدرسة نجاحاً كبيراً.

انضممت إلى جمعية Seville Down Syndrome Association، وتعرفت على كثير من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفالاً يعانون من هذه الحالة. ومنذ ذلك الحين، نتشارك تجاربنا ونستفيد من نصائح بعضنا البعض حول كيفية تعليم أطفالنا بطريقة أفضل. يمكنني أن أخبركم الكثير من القصص عن آباء وأمهات تغلبوا على الصعوبات التي هي حقا في بعض الأحيان شاقة للغاية. وأعتقد أن الإيمان في العناية الإلهية الله هو نعمة كبيرة لمواجهة هذا الواقع.

شخصيا، لا أحب مصطلح "معاق" للأطفال الذين يعانون من هذا المرض. ورغم أن التعلم بالنسبة إليهم يشكل تحدياً خاصاً (هم مثل "السلاحف" يذهبون ببطء شديد ولكن، مع الصبر والمثابرة، يمكنهم أن يذهبوا بعيداً جداً)، ففي مجالات أخرى، انهم، وبشكل واضح، "فائقو الإمكانيات". وهذه المجالات مهمة جداً وتساعد كثيرا في جعل حياة من حولهم أكثر بهجة: الخير والمودة والاخلاص المطلق دون أي خداع، وبهجة لا تتزعزع. فهم لا يقلقون بشأن ما قد يظن الآخرون عندما يظهروا حبهم ومودتهم... لديهم توق للتحسن، وقدرة كبيرة على التمتع بأكثر الأشياء تواضعاً في الحياة. أتعلم كل يوم شيئا جديدا على الأقل حول كيفية التقدم في هذه الصفات.

في بعض الأحيان يسألني الناس ماذا كنت سأفعل لو وجدت طريقة لإزالة التعديل الوراثي الذي تعاني منه انجيلا. أجيبهم دائماً بأني أحب انجيلا تماماً كما هي، ولا أظن أني قد أحبها أكثر لو كانت مختلفة. ومع كل الصعوبات التي تواجهها، يمكن لأنجيلا أن تكون سعيدة جداً، وحتى أكثر من إخوتها وأخواتها. فهي تتمتع بنِعم عظيمة تساعد بها كثيراً كل من يحيط بها. فهؤلاء الأطفال ولدوا مع نوع من "الغراء" الخاص الذي يوحد الأسر عن كثب، وهم يعلموننا الكثير عن كيفية شكر الله على كل ما لدينا. الى جانب ذلك، فإنه من السهل جدا أن نحبهم!

كارلوس بارون ريفيرو