من العراق إلى فرنسا: أسرتان تحت سقف واحد

استقبلت أسرة أوليفيا وتيموثي، المؤلفة من 7 أطفال، أسرة رغاد وبسّام العراقية المؤلفة من 3 أطفال. وفي ما يلي، تخبرنا أوليفيا، المنتمية هي وزوجها إلى الـ"أوبس داي"، عن هذه الخبرة، شارحة كيف تعيش الأسرتان سويّا بعد اضطرار العائلة العراقية للهروب من قرقوش.

في منتصف شهر آب 2014، تلقّت أوليفيا إتصالا هاتفيًا من كاهن صديق شارحًا لها الوضع الخطير جداً الذي يمرّ به مئات المسيحيين العراقيين الذين أجبروا على اللجوء إلى إربيل، عاصمة إقليم كردستان، وكيف أن بعضهم يفتّش عن أسر تستقبلهم في فرنسا.

هؤلاء اضطروا لهجر منازلهم، تاركين خلفهم كل شيء، وقد غادروا قرقوش، إحدى أكبر المدن المسيحية العراقية قرب الموصل، بسبب سيطرة "داعش" على المدينة في 7 آب من العام نفسه.

تقول أوليفيا: "الوضع كان مأساويًا وقد تأثرنا جداً بهذا الإتصال الذي دعانا للمساعدة. شعرنا بالتضامن مع إخوتنا، المعمّدين مثلنا، والمضطهدين بسبب إيمانها، والذين تُركوا دون أي شيء بين ليلة وضحاها. ولكن، في الوقت نفسه، ويجدر بي الإعتراف بذلك، كنّا "باردين" بعض الشيء. فأسرتنا مؤلفة من 7 أطفال، ولم يكن المنزل كبيراً جداً... ففكرنا بحسنات وسيئات هذه الخطوة... شعرنا بأن راحتنا "ستنال نصيبها من القرار...".

وتتابع: "كان صديقنا الكاهن يفتّش تحديداً عن 9 عائلات مستعدة لإستقبال عائلات الإخوة والأخوات التسعة لأحد الآباء الدومينيكان العراقيين الذي كان قد طلب منه المساعدة. وفي ما كنّا ما زلنا نفكّر، أهل زوجي كانا قد اتخذا القرار ووافقا على استقبال إحدى العائلات في منزلهم، وقد وصلت في 20 أيلول. وعند رؤية هذه الأسرة، فكّرنا أنه لا يمكننا أن نتردد. فأكبر أبنائنا، البالغان من العمر 15 و14 سنة قد حثّانا بدورهما على القبول، قائلين: "يمكننا إعادة تنظيم المنزل وجعله قادراً على الإتّساع للمزيد، ويمكننا البحث عن المساعدة".

بحسب أوليفيا، إن هذه المغامرة كانت بالنسبة لهم أمر رائع. فقد وصلت عائلة بسّام ورغاد مع أبنائهم الثلاثة إلى منزلها في كانون الثاني، فكانت هي وزوجها الكفيل الرسمي أمام القنصلية بعد أن فتحت فرنسا أبواب اللجوء إلى أرضايها لمسيحيي الشرق نظراً للوضع الإنساني في العراق. ولذلك، كانت المسائل القانونية مسهّلة.

وتوضح أوليفيا: "نظمّنا حياتنا المشتركة وخصصنا لهم غرفًا في المنزل. بالطبع، لا يتكلمّون الفرنسية، ولكن لحسن الحظ، فإن بسّام كان أستاذًا للغة الإنكليزية في العراق، فكان بإمكاننا التواصل.

وصلوا يوم السبت، وأتذكر ذلك تمامًا. كنّا جميعنا متأثرين، من ناحيتنا ومن ناحيتهم، ومنذ اللحظة الأولى، نشأت بيننا صداقة مميزة، وكنا نشعر بأننا قريبين جداً منهم، خصوصاً وأن دعوتنا كمعمّدين هي واحدة. كنّا نضع أنفسنا مكانهم ونفكّر بأنه من الطبيعي الشعور بالتضامن معهم.

يوم الثلاثاء، ذهب الأطفال إلأى المدرسة، وقد تم استقبالهم بشكل جيّد وقد اندمجوا اليوم في المدرسة. بسّام ورغاد بدورهما يتعلّمان الفرنسية. الحياة منظّمة. أحد الأصدقاء عرض علينا الإهتمام بهم كل أربعاء، وهكذا يمكنني أن أكون مع أبنائي بمفردنا، وفي بعض عطل نهاية الأسبوع، يتوجهون لملاقاة أقربائهم وجيرانها وأصدقائهم الذين أتوا من تلك المنطقة أيضاً إلى فرنسا".

وتضيف: "نقوم بكل شيء سويًا: الطبخ، مرافقة الأولاد إلى المدرسة، المشتريات... لم نكن لنتمتع بفرصة تذوّق المأكولات العراقية لو لم يأتوا إلى منزلنا. أما أبناءنا، فهم على توافق ويلعبون دائمًا سوياً. وبما أنهم يعيشون تحت سقف عائلة فرنسية، فقد تمكنوا بسرعة من اكتشاف الحضارة والإندماج بسرعة في المجتمع المحلّي".

يسعى بسّام ورغاد بجدّية إلى التأقلم في فرنسا، وفق ما تؤكد أوليفيا، وإلى تحقيق الإكتفاء الذاتي عبر التفتيش على عمل.

وتختم أوليفيا مشيرة إلى أن "الحياة المشتركة تمرّ بشكل جيّد بفضل حساسيّتهم الكبيرة، ونحن نشعر جميعنا، مع زوجي وأبنائي، بفرح وفخر استقبالهم. لم نندم يوما على هذا القرار، وعندما كانت الصعوبات تواجهنا، أي تلك الناتجة عن الحياة اليومية، كنّا نتّكل على الروحانية الـ"أوبس داي"، كوننا زوجي وأنا منتميان إلى الحبرية. فهذه الروحانية هي التي دفعتنا إلى تخطي الصعوبات وتقدمتها إلى الله، محافظين على الروح المرحة. نضحك كثيرا مع أصدقائنا الجدد الآتيين من الشرق الأوسط الذي يمرّ اليوم بمرحلة صعبة".