ألفارو دل بورتيو عام 1983: سترون كيف الـ"أوبس داي" سيصل يوما ما إلى لبنان

"الحديث عن الموسنيور ألفارو هو مصدر للفرح، لأنه هو الذي ينقل هذه السعادة عبر ابتسامته وحنانه الدائمين".

كلود قمير محامية لبنانية وأم لثلاثة أولاد، أجبرتها ظروف الحرب اللبنانية التي امتدت بين الـ1975 والـ1991 على الهجرة في صباها، وبدء دراستها في فرنسا.

وفي ثمانينات القرن الماضي، قام الطوباوي يوحنا بولس الثاني بزيارات عدّة للأراضي الفرنسية، فشكّل ذلك فرصة لكلود لكي تبدأ بالتفتيش عن طريقة للمشاركة باللقاءات التي كانت تُنظّم معه. وفي ذلك الوقت، دعاها أخوها الذي كان قد انضم إلى الـ"أوبس داي"، للتعرف على أحد مراكز الحبرية حيث كانت الفتيات تتحضرن للقاء البابا والشبيبة. وهكذا تعرفت على "لي إيكول"، المركز الجامعي الموجود في قلب باريس، وأول إنطباع تركه لديها ذلك المكان كان إيجابياً بسبب "جوّ الفرح والسلام" الذي وجدته هناك، وفق ما تؤكد. هذا الأمر جعلها تشعر بالسكينة لأنها كانت حزينة في داخلها بسبب وضع لبنان وبسبب الوحدة التي كانت تشعر بها في تلك المدينة الكبيرة حيث لم تكن تعرف أحداً.

قررت المشاركة في التحضير لإستقبال يوحنا بولس الثاني، ومن ثم شاركت في اللقاء، وبالنسبة لها "فإن رؤيته كانت بحد ذاتها كالأوكسيجين، وسيلةً للمساعدة على تحمل فترة الحرب تلك"، فكل عائلتها كانت في لبنان الذي كان تحت وقع القنابل والقذائف، ولم يكن هناك وسائل للتواصل معها، والرسائل كانت تتأخر أشهر للوصول. وتقول: "رؤية البابا أعطتني القوّة للإستمرار، وكانت لي بمثابة وسيلة للإقتراب من الله ولتحمل ما كنّا نمرّ به".

شاركت كلود في نشاطات عدّة منظمة من قبل "لي إيكول"، ومن بينها، رحلة إلى روما لإمضاء الأسبوع العظيم قرب البابا والمشاركة في مؤتمر الـ"أونيف" الخاص بالجامعيين. وهناك تحديداً، التقت بالمونسنيور ألفارو دل بورتيو لأول مرّة عام 1983. وتشرح في هذا الإطار أن أحدهم سألها إذا ما كانت تريد أن تطرح عليه سؤالاً بالعربية، مؤكدين لها أنه سيتم ترجمة السؤال لكي يفهمه. وقبلت... ولكن، في اليوم نفسه، علمت أن عدداً من رفيقاتها قد توفيّن في لبنان.

لكن كلود تشير إلى أنها عندما بدأت بالكلام، بدأت بالتأثّر... ومن ثم بالبكاء. وتضيف: "أخبرته عن ما يمرّ به وطني، وأنني موجودة هنا لكي أطلب منه أن يصلّي من أجل السلام، ووضعته في جوّ الخبر الذي كنت قد تلقيته. وفي النهاية، سألته: متى ستأتي "عمل الله" (أوبس داي) إلى لبنان، كونها كانت بالنسبة إليّ مصدر فرح".

وتوضح أن "الموسنيور ألفارو كان ينظر إلي بسكينة، وكان يصغي لكل ما أقوله. فقال لي أنه يحمل لبنان دائماً في صلاته، حتى قبل أن أطلب منه ذلك. وقال لي: "سترين أن الـ"أوبس داي" ستصل إلى لبنان يوماً".

في تلك اللحظة، تتابع كلود، شكيت في ذلك وفكّرت في داخلي، بسبب الوضع في لبنان، أن الوعد بوصول "عمل الله" إليه أمراً مستحيلاً". وتقول: "لقد أثّر بي كثيراً كونني كنت أتوقع أن أتعرف إلى كاهن صارم، بعيد عن الناس، ولكن عند رؤيته، لاحظته أنه يحدثني مع ابتسامة كبيرة. وهذه الإبتسامة لن أنساها أبداً. وما لفت انتباهي أيضاً هو حنانه وطريقة تعاطي أعضاء الـ"أوبس داي" معه، كما يتعاطى الإبن مع والده". وتضيف: "أعطانا طاقة كبيرة، قوّة مسالمة، قوّة فرح الوجود مع المسيح، هذه القوة الهادئة التي من خلالها كان يصدّر السلام والفرح للآخرين".

كلود تتحدث عن انطباعها وفرحها لرؤية وعد المونسنيور ألفارو يصبح حقيقة عام 1997. وتوضح أنها منذ لحظة معرفتها بخبر وفاته بدأت تلجأ إلى شفاعته وما زالت تطلب مساعدته في كل شيء في حياتها، وتقول: "أطلب منه كل شيء... أشعر بأنه قريب جداً".