حياةٌ في خدمة بلاد الأرز

انتقل ميغال ميداردي أرتيمي Miguel Medarde Artime من بيننا إلى حضن الآب السماوي يوم السبت، الواقع في 14 كانون الثاني 2023، إثر حادثٍ أليمٍ على دراجته النارية في العاصمة بيروت، حيث كان يعيش منذ أكثر من عشر سنوات. وكان أستاذًا في مدرسة الحكمة الثانوية يدرّس اللغة الإسبانية وهو من أصل إسباني من مدينة بنبلونة (شمال إسبانيا) من عائلة كبيرة مؤلفة من سبعة إخوة وهو الرابع بينهم.

ولد ميغال ميداردي في بمبلونة، إسبانيا، في 5 أيار 1975. درس في مدرسة الردين El Redin وتخصّص بعدها في الحقوق في جامعة نافارا Universidad de Navarra بين عامي 1993 و1998. عمل كمستشار إداري وتجاري في مصارف عدّة (Banco de Vasconia, Banesto, Banco Guipuzcoano) وكان مساعد مدير في كلية غوادايرا Colegio Mayor Guadaira في إشبيلية لستّ سنوات، قبل أن ينتقل في عام 2010 إلى روما، إيطاليا. وصل إلى بيروت أخيرًا ليعيش فيها عام 2012.

عمل في لبنان كمحاسب في جمعية إيطالية غير حكومية ICU وعلّم في مدرسة الحكمة الثانوية وفي مدرسة The International College اللغة الإسبانية. وقد كان لسنين عدّة مدير نادي النائير في بعبدا الذي ينظّم نشاطات متعدّدة للشباب.

أحبّ ميغال لبنان حبًّا كبيرًا، وقد أتاه أوّلًا لدعم العمل الرسولي الذي تحقّقه حبرية "عمل الله" فيه، فاهتمّ، طوال السنوات العشر الماضية، في مساعدة الشباب لكيما يتقرّبوا أكثر من الله ويصبحوا عاملين متفانين، منظّمًا نشاطات تطوعية عدّة بين شباب بعض الدول الأوروبية وشباب لبنان.

ميغال هو إبن أنطونيو، 81 عامًا، متقاعد، كان يعمل سابقًا في بنك الدم في نافارا. أمّه ماريا فيكتوريا أرتيمي، المعروفة بـ"تويا"، 78 سنة، ممرّضة في عيادة جامعة نافارا الطبية. لديه 7 إخوة: توييتا (51 سنة، متزوجة وأم لـ6 أولاد)، أنطونيو (مهندس معماري، توفي عام 2016 تاركًا أرملته و4 أولاد)، إينياكي (49 سنة، طبيب، أعزب)، خافو (48 سنة، ناشر وأب لـ4 أولاد)، كارلوس (43 سنة، كاهن)، دييغو (42 سنة، موظف في CIMA وأب لـ3 أولاد) وبابلو (36 سنة، أعزب).

أقام مراسم الجنازة، يوم 17 كانون الثاني، نائب حبر "عمل الله" في لبنان، الأب دومينيك الحلو، يعاونه المطران سليم صفير، راعي أبرشية قبرص المارونية، والمونسنيور خيسوس غونزاليز. شارك في المراسم حشدٌ من المؤمنين المنتمين إلى الحبرية وعدد من الأصدقاء والمعارف. وقد كانت مؤثرة جدًّا كلمات تلاميذه من مدرسة الحكمة الثانوية الذين كانوا يحبّونه ويحترمونه كثيرًا.

وقد شدّد الأب دومينيك الحلو في عظته على إخلاص ميغال في عيشه دعوته وبرنامج حياته الروحي اليومي، والتزامه بالقداس الإلهي والصلاة وقراءة الكتاب المقدّس وتلاوة المسبحة الوردية والإعتراف الأسبوعي. وأضاف أنّ ميغال عاش في حياته اليومية العادية بحسب النعمة التي غمرته منذ عماده، مقتديًا بإلهامات الروح القدس. كان مُلفتيْن جدًّا فرحه المُعدي وكرمه في بذل نفسه لخدمة الآخرين. وقد استطاع أن يحفّز الشباب من حوله مثلما فعل مع تلاميذه في صفّ اللغة الإسبانية.

باختصار، جعل ميغال حياته لقاءً حقيقيًّا بمَن يسعى كلّ مسيحي إلى لقياه: فكانت لقاءً حيًّا بيسوع المسيح القائم من الموت.