10 جمل مفتاح من الرسالة البابوية العامّة Fratelli Tutti

يدعونا البابا فرنسيس في الرسالة البابوية العامّة Fratelli tutti إلى التفكير بكيفية العمل على ألّا يبقى "الحلم بالحرّية والمساواة والأخوّة على مستوى الشكليات" في مجتمع يتجاهل "وجود الآخرين وحقوقهم، فيؤدّي، عاجلًا أم آجلًا، إلى نوع من العنف".

  1. بين الجميع: آمل أن نستطيع، في هذا العصر الذي نجتازه، من خلال الاعتراف بكرامة كلّ إنسان، تجديدَ رغبة عالميّة في الأخوّة بين الجميع. بين الجميع: "هذا سرّ جميل كي نحلم ونجعل حياتنا مغامرة جميلة. لا يمكن لأحد أن يواجه الحياة بطريقة منعزلة [...]. إننا بحاجة إلى جماعة تساندنا، وتساعدنا وفيها نساعد بعضنا البعض للتطلّع إلى الأمام. كم هو مهمّ أن نحلم معًا! [...] وحدنا قد نرى السراب، الذي به نرى ما هو غير موجود؛ أنّ الأحلام نبنيها معًا"[6]. تعالوا نحلم باعتبار انتمائنا إلى إنسانيّة واحدة، وباعتبارنا عابري سبيل خُلِقنا من اللحم البشريّ نفسه، وأبناءٌ لهذه الأرض نفسها التي تأوينا جميعًا، وكلّ منّا يحمل غنى إيمانه أو قناعاته، وكلّ منّا بصوته الخاص، وجميعنا إخوة.
  2. إعادة الرجاء: إنّ الشعور بالانتماء إلى الإنسانيّة نفسها يضعف في عالم اليوم، في حين أنّ حلم بناء العدل والسلام معًا يبدو كأنه يوتوبيا من عصور أخرى. ونرى هيمنة لامبالاة ملائمة وباردة وشاملة، ابنة سراب عميق يختبئ وراء خداع الوهم: وهْمُ اعتقادِنا أنه بإمكاننا أن نكون جبابرة وننسى أننا جميعًا في نفس القارب. خيبة الأمل هذه، التي تترك وراءها القيم الأخوية العظيمة، تؤدّي "إلى نوع من السخرية. هذه هي التجربة التي نواجهها، إذا اتّخذنا درب الوهم أو خيبة الأمل هذا. [...] إنّ العزلة والانغلاق على الذات أو على المصلحة الشخصية ليست هي السبيل أبدًا لإعادة الرجاء والعمل على التجديد، بل إنه التقارب، وثقافة اللقاء. لا العزلة، بل التقارب. لا ثقافة الصدام، بل ثقافة اللقاء".
  3. إعادة بناء هذا العالم الذي يؤلمنا: هذا المثل هو صورة منيرة، قادرة على إلقاء الضوء على الخيار الأساسي الذي نحتاج إلى القيام به من أجل إعادة بناء هذا العالم الذي يؤلمنا. إزاء الكثير من الألم، إزاء الكثير من الجراح، المخرج الوحيد هو أن نكون مثل السامري الصالح. وأيّ خيار آخر يقودنا إمّا إلى جهة اللصوص أو إلى جهة الذين يمرّون، دون أن يشفقوا على الشخص الجريح في الطريق. يوضّح لنا المثل ما هي المبادرات التي يمكن من خلالها إعادة بناء المجتمع، انطلاقًا من رجال ونساء يتبنّون ضعف الآخرين، ولا يسمحون ببناء مجتمعٍ يقوم على الاستبعاد، بل يُظهِرون قُربَهم من الذي يسقط ويقيمونه ويعيدون تأهيله، بحيث يكون الخير مشتركًا. ويحذّرنا المثل في الوقت ذاته، من بعض تصرّفات الأشخاص الذين يهتمّون فقط لأنفسهم ولا يتكفّلون بمطالب الواقع البشري التي لا مفرّ منها.
  4. إعادة اكتشاف الأخوّة: إن الأخوّة ليست مجرّد نتيجة لشروط احترام الحرّيات الفرديّة، أو حتى لبعض حقوق الإنصاف المُنَظَّم. ورغم أنها عوامل تمكين، إلّا أنها ليست كافية لأن تكون الأخوّة نتيجة حتمية لها. فللأخوّة شيءٌ إيجابيّ تقدمه للحرّية والمساواة. ماذا يحدث دون أُخُوّةٍ ننمّيها بوعي، ودون إرادةٍ سياسيّة للأخوّة، تُتَرجَم بالتربية على الأخوّة، والحوار، وعلى قِيَم المعاملة بالمثل والإغناء المتبادل؟ ما يحدث إنما هو تقلّص الحرّية، فتتحوّل إلى حالةِ انعزال، واستقلاليةٍ بحتة، ينتمي فيها المرء إلى شخص ما أو شيء ما، أو يعيش لمجرّد الامتلاك والاستمتاع. إنّ هذا لا يُظهِر أبدًا كلَّ غنى الحرّية التي تهدف قبل كلّ شيء إلى المحبّة.
  5. جميعنا في القارب نفسه: إن المساعدة المتبادلة بين الدول تعود بالفائدة على الجميع في النهاية. والبلد الذي يتقدّم انطلاقًا من ركيزته الثقافية الأصلية، هو كنز للبشرية جمعاء. يجب علينا أن ننمّي الوعي بأننا اليوم إمّا أن نخلص جميعًا أو لا يخلص أحد. فالفقر، والتدهور، والمعاناة التي تطال مكان ما على وجه الأرض، هي مهدٌ خصب صامت للمشاكل التي ستؤثّر في النهاية على الكوكب بأكمله. وإذا كنّا قلقين بشأن اختفاء بعض أنواع المخلوقات، فيجب أن نكون مهووسين بوجود أشخاص وشعوب، في كلّ مكان، لا ينمّون إمكاناتهم وجمالهم بسبب الفقر أو بداع قيود هيكليّة أخرى. لأن هذا سوف يفقرنا جميعًا.
  6. نحو حضارة المحبّة: انطلاقًا من "المحبّة الاجتماعيّة"[172] من الممكن أن نتقدّم نحو حضارة المحبّة التي نستطيع جميعًا أن نشعر أننا مدعوّون إليها. تستطيع المحبة، بديناميكيتها الشاملة، أن تبني عالمًا جديدًا[173]، لأنها ليست شعورًا عقيمًا، بل أفضل طريقة لتحقيق مسارات إنمائية فعّالة للجميع. المحبّة الاجتماعية هي "قوّة قادرة على خلق طرق جديدة لمواجهة مشاكل العالم اليوم ولتحقيق تجديد عميق للهيكليات والمنظمات الاجتماعية والنظم القانونية، انطلاقًا من الداخل"[174].
  7. أهمية التحاور: يمكننا أن نلخّص فعل التقارب، والتعبير، والاصغاء، والنظر، ومعرفة بعضنا البعض، ومحاولة فهم بعضنا البعض، والبحث عن نقاط اتّصال، بفعل "حاور". فنحن بحاجة إلى التحاور في سبيل أن نتلاقى ونساعد بعضنا البعض. ليس هناك حاجة لأن نقول ما هي فائدة الحوار. فبالنسبة لي يكفي أن أفكّر بما قد يكون عليه العالم دون ذاك التحاور الصبور الذي قام به العديد من الأشخاص الأسخياء الذين حافظوا على وحدة العائلات والجماعات. الحوار المستمرّ والشجاع لا ينتشر كخبرٍ مثل أخبار الخلافات والصراعات، ولكنه يساعد العالم، بكلّ تكتّم، على العيش بشكل أفضل، وأكثر ممّا يمكننا إدراكه.
  8. فاعلو سلام: غالبًا ما يكون هناك حاجة كبيرة إلى التفاوض، ومن ثمّ إلى تطوير إمكانيّات ملموسة للسلام. لكن العمليّات الفعّالة لتحقيق سلامٍ دائم هي قبل كلّ شيء تحوّلات حِرَفيّة تقوم بها الشعوب، حيث يستطيع كلّ إنسان أن يكون خميرةً فعّالةً عبر نمط حياته اليومي. فالتغييرات الكبيرة لا تُصنَع في المكاتب أو الشركات؛ لذلك "يلعب الجميع دورًا أساسيًا، في مشروع إبداعي واحد، بهدف كتابة صفحة جديدة من التاريخ، صفحة مليئة بالرجاء ومليئة بالسلام ومليئة بالمصالحة"[216]. هناك "هندسة" للسلام، تشترك فيها مختلف مؤسّسات المجتمع، كلّ حسب اختصاصها، ولكن هناك أيضًا "عمل حِرفَيّ" للسلام يُشرِكُنا جميعًا. لقد تعلّمنا من عمليّات السلام المختلفة التي تمّت في أجزاء مختلفة من العالم "أنَّ سُبُل السلام وأولويّة العقل على الانتقام والتناغم الهشِّ بين السياسة والقانون لا يمكنها أن تتجنّب مسارات الناس. لا يكفي رسم الأُطر القانونيّة والاتفاقات المؤسساتيّة بين المجموعات السياسيّة أو الاقتصاديّة ذوي الإرادة الصالحة. [...] من المهمّ على الدوام أن نُدخِل في عمليات السلام خبرةَ القطاعات التي غُيِّبَت في مناسبات عديدة، كي تترك الجماعاتُ بالتحديد صبغَتها على عمليّات الذاكرة الجماعيّة"[217].
  9. إمكانية المغفرة: المغفرة لا تعني النسيان. بل نقول إنه عندما يكون هناك أمر لا يمكن إنكاره أو تخفيفه أو إخفاؤه بأيّ شكل من الأشكال، يمكننا مع ذلك أن نغفر. عندما يكون هناك أمر يجب ألا نتسامح معه أو نبرّره أو نعذره، يمكننا أن نغفر. عندما يكون هناك أمر، يجب ألّا نسمح لأنفسنا بأن ننساه، لأي سبب كان، ومع ذلك يمكننا أن نغفر. الغفران المجّاني والصادق هو عظمة تعكس عظمة الغفران الإلهي. إذا كان الغفران مجّانيًا، فمن الممكن أن نغفر حتى لمَن يقاوم التوبة ويعجز عن طلب المغفرة.
  10. هيا إلى اللقاء: أسأل الله "أن يهيّئ قلوبنا لأن نلتقي الإخوةَ، متخطّين الاختلافات في الأفكار، واللغة، والثقافة، والدين. وأن يمسَحَ كيانَنا كلّه بزيت الرحمة الذي يشفي جراح الأخطاء، وسوء الفهم، والخلافات؛ وأطلب منه نعمة إرسالنا، بتواضع ووداعة، على دروب البحث عن السلام، المُتعِبَة والمُثمِرة"[236].