التحضيرات اللّيتورجية لزيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان

تتواصل التحضيرات المكثّفة للزيارة البابوية المرتقبة إلى لبنان، حيث تتولّى اللجنة الليتورجية، بالتنسيق المباشر مع الفاتيكان، إعداد كل التفاصيل الروحية والاحتفالية والتنظيمية المتعلقة بالقداس واللقاءات.

 يتولّى المونسنيور دييغو رافيللي المكلّف من روما الإشراف على الليتورجيا. أمّا من الجانب اللبناني، فتنبثق اللجنة الليتورجية من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، وقد كلّفت المطران ميشال عون — المشرف على لجنة APECL — بمتابعة كل التحضيرات. كما جرى تعيين الأب هاني مطر، مقرر اللجنة الطقسية للشؤون التوجيهيّة، نظرًا إلى خبرته السابقة بتحضير زيارات بابوية وملفات ليتورجية مشابهة.

منذ أكثر من شهرين، تعمل اللجنة الليتورجية بتنسيق دائم مع مندوب الفاتيكان، الذي يحدّد مسبقًا كل ما يحتاجه البابا خلال الاحتفالات الروحية، من ترتيب الصلوات إلى تنظيم القداس، مرورًا بالتوقيت الدقيق لكل الإحتفالات. فالقداس الذي سيُقام في بيروت سيشكّل الحدث الأكبر لزيارة البابا، وهو يتطلّب أعلى مستوى من الدقّة من حيث إعداد النصوص، وترتيب زياحات الدخول، وتنظيم أماكن الخدمة، وتنسيق القراءات واللغات والألحان.

تجري التحضيرات بالتعاون بين اللجنة الليتورجية الكنسية في لبنان واللجنة التنظيمية الحكومية التي تعمل تحت إشراف مكتب السيدة الأولى. وتتكفّل شركة متخصّصة بتجهيز خشبة المذبح والمنصّة، غير أنّ كل التفاصيل المتعلّقة بالمقاسات والألوان والزينة تمرّ عبر اللجنة الليتورجية التي تحدّد ما يتوافق مع الترتيب الروحي العام للزيارة. وسيطغى اللون الأبيض على الديكور، كونه يعبّر عن السلام، فيما يرتدي الأساقفة والكهنة اللون البنفسجي الموف، وهو اللون الليتورجي لزمن المجيء في الطقس اللاتيني.

أمّا بالنسبة للّباس الكهنوتي الأساسي للبابا، فقد تمّ إعداد بدلة خاصة له مطابقة للون البنفسجي من تنفيذ مجد بو طانوس. وقد أنجزت اللجنة إعداد كتاب القداس الذي سيُطبع منه عشرون ألف نسخة، فيما قد يصل عدد الحاضرين إلى ما بين 75 و120 ألف شخص، وفق تقسيم الزونات ومساحات الاستقبال.

وسيشارك في خدمة القداس ثلاث جوقات كبرى: جوقة الرهبانية اللبنانية المارونية – الكسليك، جوقة الرهبانية الأنطونية، وجوقة الرهبانية المريمية اللويزة، لكنّها ستؤدّي كجوقة واحدة موحّدة مؤلّفة من نحو 150 إلى 160 منشّدًا. ويتخلّل القداس تراتيل بالعربية والسريانية واللاتينية، بما يعكس غنى الكنائس الشرقية في لبنان ضمن إطار طقس لاتيني. ومن بين التراتيل السريانية ستُقدَّم قطعتان: الأولى ذات طابع حبري مفعم بالتوبة والسلام، والثانية ترتيلة مفعمة بالرجاء. ولن تُتلى نشيد الـ"Gloria" لأنّ زمن المجيء هو زمن توبة، وسَيُستعاض عنه بترتيلة "كيريا ليسون" التي ستُنشَد بالسريانية.

وسيتضمّن القداس قراءات من سفر أشعيا (الإصحاح 11: 1-10)، ومزمور 71، ونصًّا من إنجيل لوقا (10: 21-24). أمّا النوايا فستُرفع بلغات متعددة تشمل العربية، الفرنسية، اليونانية، الإنجليزية، السريانية والأرمنية، في تجسيد لتنوّع الكنائس الكاثوليكية في لبنان.

خلال التقدمة، ستتقدّم عائلات من مختلف الأعمار لتقديم القرابين باعتبارها صورة عن المجتمع اللبناني بكامل تنوّعه. وسيُختَم القداس بترتيلة "العذراء مريم سلطانة الجبال والبحار" التي كتبها البطريرك الياس الحويّك.

وسيحضر القداس جميع بطاركة الكنائس الكاثوليكية في لبنان: الموارنة، الروم الملكيين الكاثوليك، السريان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، إضافة إلى بطريرك الأقباط الكاثوليك وبطريرك العراق، إلى جانب نحو ستين أسقفًا كاثوليكيًا، مع مشاركة من أساقفة الطقوس الشرقية الذين سيرتدون اللباس الليتورجي الخاص بزمن المجيء.

وسيستخدم البابا الكأس الكبير التاريخي الموجود في كاتدرائية مار جرجس المارونية – بيروت (Coupe St Remy)، وهو الكأس نفسه الذي استخدمه البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بنيديكتس السادس عشر عندما احتفل كلّ منهما في القداس خلال زيارتهما السابقة للبنان، وقد جرى ترميمه وتجهيزه لهذه المناسبة. كما ستوضع على المذبح سبع شمعات وفق التقليد اللاتيني.

وتشمل المشاركة العلمانية في الليتورجيا أشخاصًا من اللجنة الليتورجية، إضافة إلى خبراء وتقنيين يساهمون في الإخراج والتنظيم، مثل العمل على إعداد المذبح وتنسيق الأواني المقدسة، فيما تتولّى راهبات الأنطونيات خياطة شرشف المذبح والأغطية الليتورجية.

أمّا يوم الإثنين، فسيخصَّص للقاء المكرّسين، وسيُشعل البابا شمعة أمام ضريح مار شربل. وسيُتلى إنجيل وبركة ليتورجية قصيرة، فيما يكون دور اللجنة الليتورجية محصورًا بالمتابعة التقنية. أمّا لقاء الشبيبة، فرغم طابعه الروحي، إلا أن تحضيره هو من مسؤولية لجنة شبيبة و APECL.

وفي صباح يوم الثلاثاء، ستبدأ الاستعدادات منذ الساعة السابعة صباحا، حيث ستُتلى المسبحة الوردية، وتتلى التراتيل من المرنمين قبل الانتقال إلى التحضير المباشر للقداس الذي يبدأ مع وصول البطاركة ثم انطلاق مسيرة الدخول الكبرى، وصولًا إلى دخول البابا في الـ"بابا موبيلي". يبدأ القداس عند الساعة العاشرة والنصف، وبعد انتهائه ينتقل البابا إلى المطار ليلقي كلمته الوداعية قبل مغادرته لبنان.