البابا فرنسيس للمطران اتشيفاريا: أرغب بالإتحاد بفرحكم لتطويب ألفارو

بدأ الإحتفال بتطويب ألفارو دل بورتيو في 27 أيلول 2014 بقراءة نص رسالة كان قد أرسلها البابا فرنسيس إلى حبر الـ"أوبس داي" المونسنيور خافيير اتشيفاريا في 26 حزيران الماضي لمشاركته بـ"الفرح المميز" بإعلان التطويب.

في ما يلي نص الرسالة:

أَخِي العَزيز،

إِنَّ تَطويبَ خادِمِ اللهِ أَلفارُو دِلْ بُورتِيّو، المُساعِدِ الأَمين، وَالخَلَفِ الأوَّل لِلقِدِّيس خوسِيمارِيَّا إِسكريفا عَلَى رَأسِ عَمَلِ الله، يُجَسِّدُ زَمَنَ فَرَحِ مُمَيَّزٍ لِسائِرِ مُؤمِني الحَبرِيَّة، وَبِنَوعٍ خاص لَكَ، وَقَدْ كُنتَ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الزَمَنِ شاهِداً عَلَى مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَلِلقَريب، وَعَلَى أَمانَتِهِ لِلكَنِيسَة، وَعَلَى دَعوَتِهِ. إِنِّي أَرغَبُ ، أَنا أَيضاً أَنْ أَتَّحِدَ بِفَرَحِكُم وَأَشكُرُ اللهَ الَّذِي يُجَمِّلُ وَجهَ الكَنيسَةِ بِقَداسَةِ أَبنائِها.

إِنَّ إحتِفالَ تَطوِيبِهِ سَيَجرِي في مَدرِيد، في المَدِينَةِ حَيثُ أَبصَرَ النُّورَ، وَحَيثُ أَمضَى طُفُولَتَهُ، وَأَعوامَ شَبابِهِ، بِوُجودٍ مَصقُولٍ بِبَساطَةِ الحَياةِ العائِلِيَّة، وَالصَداقَة، وَخِدمَةِ القَرِيب، عِندَما كانَ يَمضِي إِلى الأَحياءِ المُهمَلَة لِيُساعِدَ في التَنشِئَةِ الإنسانِيَّة وَالمَسيحِيَّة لأُناسٍ في العَوَز. وَهُناكَ جَرَى الحَدَثُ الَّذي خَتَمَ وِجهَةَ حَياتِهِ النِـهائِيَّة، وَهُوَ لِقاؤُهُ بِالقِدِّيسِ خُوسِيمارِيَّا إِسكرِيفا، الَّذِي عَرَفَ مِنْ خِلالِهِ أَنْ يَتَماهَى مَعَ المَسيح يَوماً بَعدَ يَوم. نَعَم أَنْ يَتَماهَى مَعَ المَسيح. هَذا هُوَ طَريقُ القَداسَةِ الَّذِي يَجِبْ أَنْ يَسلُكَهُ كُلُّ مَسيحِيّ : أَنْ نَدَعَ اللهَ يُحِبُّنا، فَنَفتَحَ قَلبَنا لِحُبِّهِ، وَنَسمَحَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ قائِدُ حَياتِنا.

أُحِبُّ أَنْ أُذَكِّر بِتِلكَ الصَلاةِ القَصِيرَة الَّتي كانَ يُرَدِّدُها غالِباً خادِمُ الله، وَبِنَوعٍ خاص في الإِحتِفالاتِ وَالمُناسَباتِ الخَاصَّة بِهِ : " شُكراً، عُذراً، ساعِدنِي أَكثَر ". هَذِهِ الكَلِماتُ الَّتي تُقَرِّبُنا مِنْ حَقِيقَةِ حَياتِهِ الداخِلِيَّة، وَ مُعاشَرَتِهِ لِلرَبّ، بِإِمكانِـها أَن تُساعِدَنا نَحنُ أَيضاً فَنُعطِي لِحَياتِنا المَسيحِيَّة الشَخصِيَّة دَفعاً جَديداً.

بِدايَةً شُكراً. إِنَّـها رَدَّةُ الفِعلِ المُباشَرَة وَالطَبِيعِيَّة الَّتي تَشعُرُ بِـها النَفسُ تُجاهَ طِيبَةِ الرَبّ. وَلا يُمكِنْ أَنْ يَكونَ الأَمرُ خِلافَ ذَلِكَ. فَهُوَ يَتَقَدَّمُنا دائِما. عَلَى الرُغمِ مِنْ كُلِّ الجُهُود الَّتي نَقُومُ بِـها، فَحُبُّهُ يَصِلُ دائِماً قَبلَنا، يَلمُسُنا، يُلاطِفُنا أَوَّلاً، وَعَلاماتُ حُبِّهِ تَتَقَدَّمُنا. لَقَدْ عَرَفَ أَلفارو دِلْ بُورتِيّو بِوَعيٍ نَوعِيَّةَ المَواهِبِ الَّتي أَغدَقَها اللهُ عَلَيه، وَكانَ يَشكُرُ اللهَ بِإِظهارِ مَحَبَّتِهِ الأبَوِيَّة. وَلَكِنَّهُ لمَ يَتَوَقَّف هُنا، لَقَدْ أَيقَظَ عُرفانُهُ بِجَميلِ مَحَبَّةِ اللهِ في قَلبِهِ العَطَشَ لإِتِّباعِهِ بِشَوقٍ أَكبَر وَكَرَم، وَعَيشِ حَياةٍ مُتَواضِعَة في خِدمَةِ القَريب. وَلَكَمْ كانَتْ مَحَبَّـتُهُ واضِحَة بِنَوعٍ خاص لِلكَنيسَة عَرُوسَةِ المَسيح، الَّتي خَدَمَها بِقَلبٍ مُتَرَفِّعٍ عَنْ أَيِّ مَنفَعَةٍ بَشَرِيَّة، بَعِيداً عَنِ المُشاجَرات، يَستَقبِلُ الجَميعَ، باحِثاً دائِماً عَمَّا هُوَ إِيجابي عِندَ الآخَرِين، عَمَّا يُوَحِّدُ ، عَمَّا يَبني. لا شَكوَى وَلا انتِقادٍ عَلَى الإِطلاق، وَبِنَوعٍ خاص في الأَوقاتِ الصَعبَة ، بَلْ كانَ يُجيبُ دائِماً بِالصَلاةِ، وَالغُفرانِ، وَالتَفَهُّم، وَالمَحَبَّةِ الصادِقَة.

عُذراً. لَقَد شَرَحَ غالِباً، أَنَّهُ كانَ يَرَى ذاتَهُ أَمامَ اللهِ فارِغَ اليَدَين، عاجِزاً عَنِ الإِجابَة عَلَى كُلِّ هَذا الكَرَم. غَيرَ أَنَّ الإِعتِرافَ بِالفَقرِ الإِنساني لَيسَ ثَمَرَةَ اليَأسِ، بَل هُوَ ثَمَرَةُ الإِستِسلام الَّذي نَستَودِعُهُ اللهَ الَّذي هُوَ أَبُونا. إِنَّهُ انفِتاحٌ عَلَى رَحمَتِهِ، عَلَى حُبِّهِ القادِر أَنْ يُجَدِّدَ حَياتَنا. إِنَّهُ حُبٌّ لا يٌحَقِّر، وَلا يُغرِقُنا في هاوِيَةِ الخَطَأ، وَلَكِنَّهُ يَغمُرُنا، وَيُقيمُنا مِن إِنحطاطِنا وَيُساعِدُنا عَلَى السَيرِ بِثَباتٍ وَفَرَح. كانَ خادِمُ اللهِ أَلفارو يَعلَمُ حاجَتِنا إِلى رَحمَةِ الله وَلَقَدْ صَرَفَ طاقَةً شَخصِيَّة كَبِيرَة تَشجِيعاً مِنهُ لِمُنْ يُعاشِرُونَهُ لِلتَقَدُّمِ مِنْ سِرِّ التَوبَة، سِرِّ الفَرَح. كَمْ هُوَ مُهِمٌّ أَنْ يَشعُرَ المَرءُ بِحَنانِ مَحَبَّةِ الله وَأَنْ يَكتَشِفَ أَنَّهُ ما زالَ هُناكَ وَقتٌ لِيُحِبّ.

ساعِدني أَكثَر. نَعَم إِنَّ الرَبَّ لا يَترُكُنا إِطلاقاً. إِنَّهُ دائِماً بِقُربِنا، وَهُوَ يَسيرُ مَعَنا كُلَّ يَومٍ وَيَنتَظِرُ مِنَّا حُبّاً جَدِيداً. نِعمَتُهُ لَنْ تَنقُصَنا، وَبِمَعُونَتِهِ نَستَطيعُ أَنْ نَحمِلَ اسمَهُ إِلى كُلِّ العالمَ. في قَلبِ الطُوباوِي الجَديد كانَ يَنبُضُ العَطَشُ لِحَملِ البِشارَةِ الجَدِيدَة إِلَى جَميعِ القُلوب. لِذَلِكَ راحَ يَجُوبُ بُلداناً كَثِيرَة مُشَجِّعاً بَرامِجَ التَبشِيرِ، غَيرَ مُكتَرِثٍ بِالصُعُوبات، مَدفُوعاً بِمَحَبَّتِهِ لِلَّه وَلِلإِخوَة. فَمَنْ كانَ مُتَجَذِّراً بِالله يَعرِفُ أَنْ يَكونَ قَريباً مِنَ النَّاس. فَالشَرطُ الأَوَّل لإِعلانِ المَسيحِ لَـهُمْ هُوَ أَنْ تُحِبَّهُم، لأَنَّ المَسيحَ سَبَقَ وَأَحَبَّهُم. فَهَلاَّ خَرَجنا مِنْ أَنانِيَّاتِنا، وَمِنْ رَفاهِيَّتِنا وَمَضَينا لِنَلتَقِي بِإِخوَتِنا. فَالرَبُّ يَنتَظِرُنا هُنا. لِذَلِكَ لا يُمكِنُنا أَنْ نَحتَفِظَ بِالإيمان لِذَواتِنا، َإنَّه عَطِيَّةٌ تَلَقَّيناها، لِنُعطِيَها وَنَتَشَارَكَ بِها مَعَ الآخَرين.

" شُكراً، عُذراً، ساعِدني أَكثَر " ! بِـهَذِهِ الكَلِمات يَتَوَضَّحُ جُهدُ وُجودٍ مِحوَرُهُ الله، لأحَدٍ لَمَسَهُ الحُبَّ الأَعظَم، فَعاشَ بِكُلِيَّتِهِ مِنْ هَذا الحُبّ. لأَحَدٍ وَثِقَ بِرَحمة الرَبّ عَلَى الرُغمِ مِمَّا اختَبَر مِنْ ضُعُفاتٍ، وَمَحدُودِيَّاتٍ إِنسانِيَّة، وَيُريدُ أَنْ يَختَبِرَ ذَلِكَ سائِرُ النَّاسِ إِخوَتِهِ.

أَخي العَزِيز، إِنَّ الطُوباوِي أَلفارُو دِلْ بُورتِيّو يُرسِلُ إِلَينا رِسالَةً واضِحَة جِدّاً، يَقُولُ لَنا أَنْ نَثِقَ بِالرَبّ، فَهُوَ أَخُونا، وَصَدِيقُنا الَّذي لا يَكسِفُنا إِطلاقاً، وَهُوَ بِقُربِنا دائِماً. إِنَّهُ يُشَجِّعُنا أَلاَّ نَخافَ مِنَ الذَهابِ بِعَكسِ التَيَّار وَأَنْ نَتَأَلَّمَ لإعلانِ الإِنجيل. إِنَّهُ يُعَلِّمُنا أَيضاً أَنَّنا بِاستِطاعَتِنا أَنْ نَجِدَ طَرِيقاً لِلقَداسَة أَكيداً وَسَطَ بَساطَةِ حَياتِنا اليَومِيَّة.

إِنِّي أَطلُبُ، بِرَجاءٍ، مِنْ سائِرِ مُؤمِنِي الحَبرِيَّة، كَهَنَةً وَعِلمانِيِّين، كَما مِنْ جَميعِ الَّذِينَ يَشتَرِكُونَ في نَشاطاتِها، أَنْ يُصَلُّوا مِنْ أَجلِي، وَأَنا في الوَقتِ نَفسِهِ أُرسِلُ لَكُمْ بَرَكَتِي الرَسُولِيَّة.

فَليُبارِكْكُم يَسُوع، وَلتَحفَظْكُم مَريَمُ العُذراء.

أَخَوِيّاً

فرنسيسكو