"إرتداد أبناء الله"

ألقى القديس خوسيماريا عظة بمناسبة بداية زمن الصوم الكبير في 2 آذار من العام 1952 شدد فيها على أهميّة الإرتداد من جديد. وقال: "لا يمكننا اعتبار الصّوم تكراراً دوريا للسنة الطقسية. إنه زمن فريد ومعونة إلهية. إنه يسوع يعبر قربنا، وينتظر منا -اليوم، الآن- تغييرا كبيرا".

ها نحن قد دخلنا في زمن الصّوم: زمن التّكفير، والتّنقية، والتّوبة. والأمر في ذلك ليس سهلاً. فالمسيحيّة ليست درباً مريحة: لأنّه لا يكفي أن ينتمي المرء إلى الكنيسة، ويهمل مرور السّنين. وفي حياتنا، نحن المسيحيّين، تحتلّ التّوبة المرتبة الأولى إذ إنّـها اللّحظة المميّزة، الّتي يتذكّرها كلّ إنسان، حيث يكتشف بوضوح كلّ ما يطلبه الرّبّ منه، غير أنّ أفعال التّوبة الّتي تتليها تبدو أهمّ وأصعب منها . وكيما نسهّل عمل النّعمة الإلـهيّة عبر أفعال التّوبة اللاّحقة، ينبغي المحافظة على شباب النّفس، والتّوسّل إلى الله، وتعلّم الإصغاء، وإكتشاف ما يعيق، والتماس الصّفح.

"إذا ما دعوتموني، استجبتكم"[1]، يقول الرّبّ. هذا ما نقرأه في ليتورجيّة هذا الأحد. تأمّلوا معي قليلاً عناية الله الرّائعة بنا، إنّه الإله الدّائم الإستعداد للإصغاء إلينا، الدّائم الإنتباه لكلام الإنسان. إنّه يصغي إلينا في كلّ وقت وبنوع خاصّ الآن، لأنّ قلبنا مستعدّ، وجاهز للتّنقية، فهو لا يهمل أبدًا طلبة "القلب المتواضع والمنسحق"[2].

أجل، إنّ السّيّد يصغي إلينا ليتدخّل، ويلج إلى حياتنا، فيحرّرنا من الشّرّ، ويملأنا خيرًا: وهو القائل عن الإنسان "إنّي أحرّره وأمجّده"[3]. فرجاء المجد، إذاً، هو، مرّة أخرى، نقطة انطلاق هذه الحركة الدّاخليّة الّتي هي الحياة الرّوحيّة. ورجاء المجد هذا يقوّي قاعدتنا ويحثّ محبّتنا. وهكذا تتحرّك الفضائل الإلـهيّة الثّلاث، هذه الفضائل الإلـهيّة الّتي تجعلنا شبيهين بالله أبينا.

ألأَمَانُ المُهَدَّدُ لدى المَسيحيّ

"ألسّاكن في بيت العليّ، يبيت في ظلّ القدير"[4]: السّكنى تحت حماية الله، والحياة معه: هذا هو أمان المسيحيّ "المخاطر به". ينبغي أن نكون واثقين حقًّا بأنّ الله ينصت إلينا، وبأنّه يصغي إلى حاجاتنا: عندها يمتلئ قلبنا سلامًا. لكنّ الحياة مع الله "مجازفة" أكيدة، لأنّه لا يرضى بالتّقاسم: فهو يريد كلّ شيء. لذلك فإنّ التّقرّب منه أكثر، يضحي استعداداً لتوبة جديدة، وتحويل جديد، وللإصغاء بانتباه أدقّ لإلـهاماته، وهي الأشواق المقدّسة الّتي يبعثها في نفسنا، ووَضعِها موضع التّنفيذ.

منذ قرارنا الأوّل الواعي، في كلّ أبعاده، لعيش عقيدة المسيح، قد تقدّمنا بالتّأكيد كثيرًا على طريق الأمانة لكلمته. ومع ذلك، أوليس صحيحًا أنهّ لا تزال أمور كثيرة ينبغي استكمالـها؟ أوليس صحيحًا أنّه لايزال فينا بنوع خاصّ الكثير من الكبرياء؟ نحن بحاجة، دون أدنى شكّ، لارتداد جديد، لاستقامة أكمل، لتواضع أعمق، كيما ينمو المسيح فينا، فتنقص أنانيّتنا، إذ "لا بدّ له من أن ينمو، ولا بدّ لي من أن أنقص"[5].

لا يمكن أن نبقى مقيّدين. ينبغي لنا أن نتقدّم نحو الـهدف الّذي أشار إليه القدّيس بولس: إذا كنت أحيا، "فما أنا أحيا بعد ذلك، بل المسيح يحيا فيّ"[6]. عظيم ونبيل الطّموح، ألا وهو التّماثل بالمسيح، الّذي يفترض القداسة. لكن ليس لنا من سبيل آخر إذا أردنا أن نكون صادقين مع الحياة الإلـهيّة الّتي أغدقها الله علينا بالعماد. فالتّقدّم هو النّموّ في القداسة؛ والتّراجع، هو رفض النّموّ الطّبيعيّ فينا للحياة المسيحيّة. لأنّ نار حبّ الله هذه تحتاج إلى أن تتغذّى، وتُكثّف يوميًّا، بتجذّرها في نفسنا؛ فالنّار تبقى مستعرة كلّما التهمت عناصر جديدة. ولـهذا السّبب، إذا لم تنتشر النّار، فهي تقارب الإختناق.

تذكّروا هذه الكلمات للقدّيس أغوسطينوس: "إذا قلت: كفى سوف تضيع. إسعَ دائمًا نحو المزيد، سِرْ دون توقّف، أنمُ باستمرار. لا تبق في نفس المكان، لا تتراجع، لا تَنحرف"[7].

إنّ الصّوم يضعنا الآن أمام أسئلة أساسيّة: هل أرتقي بإخلاص إلى المسيح؟ بأشواق القداسة؟ بسخاء رسوليّ في حياتي اليوميّة، في عملي العاديّ بين زملائي؟

فليجب كلّ واحد، همسًا، على هذه الأسئلة ؛ وسوف يرى كم هو ضروريّ هذا التّحوّل الجديد، كيما يحيا المسيح فينا، وكيما تنعكس صورته، بنقاوة، في سلوكنا.

"من أراد أن يتبعني، فليزهد في نفسه ويحمل صليبه كلّ يوم ويتبعني"[8]. إنّ المسيح يقول لنا ذلك مجدّدًا، كما في أذننا، في الحميميّة: ألصّليب كلّ يوم. "ليس فقط – يضيف القدّيس إيرونيموس – في أزمنة الإضطهاد أو حين تحضر إمكانيّة الإتشهاد، بل في كلّ مناسبة، أو عمل، أو فكرة، أو كلمة، فلننكر ما كنّا عليه سابقًا، ولنعترف بما نحن عليه الآن، لأنّا ولدنا في المسيح مجدّدًا"[9].

هذه الإعتبارات ليت في الواقع، سوى صدى لتلك الآتية إلينا من الرّسول: "بالأمس كنتم ظلامًا، أمّا اليوم فأنتم نور في الرّبّ. فسيروا سيرة أبناء النّور. فإنّ ثمر النّور يكون في كلّ صلاح وبرّ وحقّ. تبيّنوا ما يرضي الرّبّ..."[10]

إذا كانت التّوبة عمل لحظة، فالقداسة هي عمل الحياة بأكملها. إذ إنّ زرع المحبّة الإلـهيّ، الّذي سكبه الله في نفسنا، يتوق إلى النّموّ، إلى التّجسّد بأعمال، إلى إنتاج ثمار تتجاوب باستمرار مع ما يرضي الرّبّ. لذلك لا بدّ من أن نكون مستعدّين للبدء مجدّدًا، لنستعيد النّور، وحماسة توبتنا الأولى، في كل حالة جديدة من حياتنا. فلذلك يجب أن نستعدّ لاكتساب تلك الحالة الجديدة، عبر فحص عميق، ملتمسين العون من الرّبّ لكي نعرفه ونعرف ذواتنا معرفة أفضل. فلا سبيل آخر لكي نتوب من جديد.

أَلزَّمَنُ المُنَاسِبُ

"إنّنا نناشدكم ألاّ تنالوا نعمة الله لغير فائدة"[11]. في الواقع، بإمكان نعمة الله أن تملأ نفوسنا في زمن الصّوم هذا، شرط أن لا نقفل لـها قلبنا. علينا أن نعطي برهانًا على تلك الإستعدادات الطّيّبة، وعلى شوقنا للتّغيير حقًّا، وألاّ نسخر من نعمة الرّبّ.

لا أحبّ أن أتحدّث كثيرًا عن الخوف، إذ إنّ ما يحثّ المسيحيّ، هو حبّ الله الّذي تجلّى لنا في شخص المسيح، والّذي يعلّمنا أن نحبّ جميع النّاس والخلق أجمع؛ فعلى خلاف ذلك، يجب أن نتحدّث عن المسؤوليّة، والجدّيّة. "لا تضلّوا فإنّ الله لا يُسْخَرُ منه"[12]، يقول لنا الرّسول نفسه.

يجب أن نقرّر. لا نستطيع أن نحيا حاملين الشّمعتين مضائتين، اللّتين، حسب قول شعبيّ، يتأبّطهما كلّ إنسان: الواحدة للقدّيس ميخائيل، والثّانية لإبليس. يجب إطفاء شمعة إبليس. إذ إنّ حياتنا ينبغي لـها أن تفنى مشتعلة بكاملها في خدمة الرّبّ. فإذا كان شوقنا للقداسة صادقًا، وإذا كنّا ودعاء كفاية لنخلي ذواتنا في يدَي الله، يسير كلّ شيء على ما يرام . إذ إنّ الله، من جهته، على استعداد ليمنحنا نعمته، وبنوع خاصّ الآن، نعمة توبة جديدة، نعمة تحسين لحياتنا كمسيحيّين.

لا يمكننا اعتبار الصّوم مرحلة عاديّة، أو تكراراً دوريّاً للسّنة الطقسيّة. إذ إنّه زمن فريد؛ إنّه معونة إلـهيّة للتّقبّل. إنّه يسوع يعبر قربنا، وينتظر منّا - اليوم، الآن - تغييرًا كبيرًا.

"ها هوذا الآن الزّمن المقبول ، وها هوذا الآن يوم الخلاص"[13]. مرّة أخرى، نسمع منجيرة الرّاعي الصّالح، ونداءه العطوف: "إنّي دعوتك باسمك"[14]. إنّه يدعو كلّ واحد باسمه، بالتّصغير المألوف الّذي يستعمله من يحبّوننا. فأين لنا أن نجد كلمات يمكنها أن تعبّر عن عاطفة يسوع نحونا.

تأمّلوا معي رائعة الحبّ الإلـهيّ هذه: الرّبّ يأتي لملاقاتنا. إنّه ينتظر، يقف على قارعة الطّريق كي لا نتمكّن من عدم رؤيته. وهو يدعونا، شخصيًّا، محدّثًا إيّانا عن أشغالنا، الّتي هي أشغاله أيضًا، داعيًا ضميرنا إلى النّدم الحميم، فاتحًا إيّاه على الكَرَم، طابعًا في نفوسنا الشّوق الحارّ لنكون مخلصين، ونؤهّل لأن يدعونا تلاميذه. يكفي أن نلتقط نداءات النّعمة الدّخليّة هذه، والّتي تكون غالبًا كعتب ودود، لكي يؤكّد لنا أنّه لم ينسنا، أمّا نحن، وبسبب خطأنا،لم نلحظه طيلة تلك المدّة. إنّ المسيح يحبّنا، بملء الحبّ الّذي لا ينضب، الكامن في قلبه الإلـهيّ.

أنظروا كيف يلحّ: "في زمن الرّضى استجبتك وفي يوم الخلاص أغثتك"[15]. لذلك، بما أنّه يعدك بالمجد، والحبّ، ويهبهما لك، عندما يحين الوقت؛ بما أنّه يدعوك، فماذا تعطي الرّبّ؟ كيف ستجيب، كيف سأجيب أنا أيضًا، على حبّ يسوع هذا، الّذي يعبر قربنا؟

"ها هو يوم الخلاص هذا"، أمامنا. إنّ نداء الرّاعي الصّالح يصل إلينا: "لقد دعوتك باسمك". يجب أن نجيبه - إذ بالحبّ نجيب على الحبّ – بالقول: "دعوتني، هاءنذا"[16]. لقد قرّرت ألاّ أدع زمن الصّوم هذا يمرّ دون أن يترك أثرًا، كما تمرّ المياه على الحجارة. سوف أدع نفسي تتأثّر وتتبدّل؛ سوف أتوب، وأرجع مجدّدًا نحو الرّبّ، محبًّا إيّاه كما يرغب أن يُحَبَّ.

"أحبب الرّبّ إلـهك بكلّ قلبك وكلّ نفسك وكلّ ذهنك"[17]. ما الّذي بقي في قلبك، ليدعوك بعد إلى حبّ ذاتك؟ - يعلّق القدّيس أغوسطينوس، ما الّذي بقي في نفسك؟ وفي ذهنك؟ "فإنّ الّذي خلقك يريدك بكلّيّتك"[18]

فبعد إعلان للحبّ كهذا،لم يبق من سبيل سوى السّلوك كأحبّاء لله. "نوصّي بأنفسنا في كلّ شيء على أنّنا خدّام الله"[19]. إذا ما وهبت ذاتك له كما يريد هو، سوف يتجلّى عمل النّعمة في سلوكك المهنيّ، في عملك، في استماتتك لتحقيق كلّ المهامّ البشريّة بطريقة إلـهيّة، الكبيرة منها والصّغيرة، إذ بالحبّ تأخذ كلّها بُعدًا جديدًا.

لكن في زمن الصّوم هذا، لا نستطيع أن ننسى أنّ الرّغبة في خدمة الله ليست سهلة. فلنقرأ مجدّداً هذا الفصل من رسالة القدّيس بولس الّذي تلي في القدّاس هذا الأحد، لنتذكّر صعوبات هذا الإختيار. "بل نوصّي بأنفسنا في كلّ شيء على أنّنا خدّام الله بثباتنا العظيم، في الشّدائد والمضايق والمشقّات، والجلد والسّجن والفتن، والتّعب والسّهر والصّوم، بالعفاف والمعرفة والصّبر واللّطف، بالرّوح القدس والمحبّة بلا رياء، وكلمة الحقّ وقدرة الله"[20].

في الظّروف الأكثر تنوّعًا في هذه الحياة، وفي كلّ مناسبة، علينا أن نسلك كخدّام الله، ونحن على يقين بأنّ الرّبّ معنا، وأنّنا أبناؤه. علينا بالوعي لـهذا الأصل الإلـهيّ، المطعّم في حياتنا، والتّصرّف بما يتناسب معه.

كلمات الرّسول هذه يجب أن تملأكم غبطة، إذ إنّها تثبيت لدعوتكم كمسيحيّين عاديّين، تعيشون وسط العالم، مشاطرين تطلّعات وآلام وأفراح النّاس الآخرين، أمثالكم في كلّ شيء. إنّها درب إلـهيّة! وما يطلبه الرّبّ منكم هو أن تتصرّفوا في كلّ حين كأبناء وخدّام.

إذ ينبغي، كيما تتحوّل هذه الأوضاع العاديّة إلى درب إلـهيّة، أن نتوب حقًّا وأن نـهب ذواتنا. في الواقع، جريء هو كلام القدّيس بولس، إذ يعد المسيحيّ بحياة صعبة، وخطرة، ودائمة التّوتّر. فكم تشوَّهت المسيحيّة، عندما أرادوا أن يجعلوا منها طريقًا سهلاً! وبالمقابل إنّه تحريف للحقيقة، الإعتقاد بأنّ هذه الحياة العميقة الجدّيّة، حيث يتمّ الإختبار الكاوي لكلّ صعوبات الوجود البشريّ، هي حياة منغّصة أو يكتنفها الخوف.

فالمسيحيّ واقعيّ، وهو يتمتّع بواقعيّة فائقة الطّبيعة وبشريّة، تميّز تقلّبات الحياة كافّة : الألم والفرح، الألم الشّخصيّ وألم الآخر، أليقين والشّكّ، ألسّخاء والميل إلى الأنانيّة. إنّه يعرف كلّ شيء ويجابـهه، باندفاع النّفس وقوّتـها الّلتين يتلقّاهما من الله.

تَجَارِبُ المَسيح

إنّ الصّوم يحيي ذكر الأربعين يومًا الّتي قضاها يسوع في الصّحراء، إستعداداً لسنوات التّبشير الّتي تُتَوَّجُ بالصّليب وبمجد القيامة. أربعون يومًا من الصّلاة والتّكفير. وفي النّهاية يتمّ الحدث الّذي تقدّمه اللّيتورجيّة اليوم لتأمّلنا، والّذي يعرضه علينا نصّ الإنجيل في القدّاس: تجارب المسيح[21]

مشهد مليء بالأسرار، وعبثًا يحاول الإنسان فهمه - ألله يخضع للتّجربة، يدع إبليس يتصرّف – لكن من الممكن أن نتأمّله، سائلين الرّبّ نعمة اكتشاف التّعليم الّذي يحويه.

يسوع المسيح خاضع للتّجربة. إنّ التّقليد يلقي الضّوء على هذا المشهد، معتبرًا أنّ ربّنا أراد أن يخضع أيضًا لإمتحان التّجربة، لكي يشابـهنا في كلّ شيء. هذا ما حدث، لأنّ المسيح كان إنسانًا كاملاً، شبيهًا بنا في كلّ شيء، ما خلا الخطيئة[22]. فبعد أربعين يومًا من الصّوم، مع غذاء وحيد – ربّما - عشب، جذور وقليل من الماء، جاع يسوع، لقد جاع حقًّا، كأيّ خليقة أخرى. وعندما عرض الشّيطان عليه أن يحوّل الحجارة خبزًا، لم يرفض ربّنا الطّعام الّذي يطلبه جسده وحسب،بل أبعد عنه تحريضًا أخطر: ألا وهو استعمال قدرته الإلـهيّة لحلّ مشكلة شخصيّة، إذا استطعنا القول.

لا بدّ أنّكم لاحظتم، على مرّ الأناجيل: لم ينجز يسوع معجزة لمصلحته الخاصّة. عندما يحوّل الماء إلى خمر فذاك لعريسَي قانا[23]؛ عندما يكثّر الخبزات والسّمكات، فلكي يطعم جمهورًا جائعًا[24]. بينما نراه يكسب عيشه، طوال سنوات، بعمله الخاصّ. وفيما بعد، وطوال تجواله في أرض إسرائيل، عاش بمؤازرة أولئك الّذين تبعوه[25].

لقد روى القدّيس يوحنّا أنّ يسوع، في ختام مسيرة طويلة، ولدى وصوله إلى بئر سيخار، أرسل تلاميذه إلى القرية لشراء طعام؛ وعند رؤيته السّامريّة، طلب منها ماء، إذ لم يكن لديه ما يستقي به[26]. تعب الطّريق الّذي اجتازه أنـهك جسده، وفي ظروف أخرى، كان يلجأ إلى النّوم ليستعيد قواه[27]. يا لسخاء الرّبّ الّذي اتّضع ورضي كلّيّا بالحالة البشريّة، فلم يستعن بقدرته كإله ليهرب من الصّعوبات والجهد. إنّه يعلّمنا بأن نكون نشيطين، فنحبّ العمل، ونثمّن ما لبذل الذّات من نبل، على الصّعيدين البشريّ أو الإلـهيّ.

في الثّانية من التّجارب، عندما اقترح إبليس عليه بأن يرمي بنفسه من رأس الـهيكل، رفض يسوع مجدّدًا فكرة استخدام قدرته الإلـهيّة. لا يريد المسيح مجدًا باطلاً ولا تفاخرًا. إنّه لا يلعب هزليّة بشريّة قد تبغي استخدام الله لإبراز تفوّقه الشّخصيّ. إنّ يسوع المسيح يريد أن يتمّم مشيئة أبيه، دون تسريع للوقت وحلوله، ولا استباق ساعة المعجزات، فيجهد نفسه خطوة خطوة، على درب البشر القاسي، درب الصّليب المحبّب.

إنّ ما نراه في التّجربة الثّالثة مشابه تمامًا لما سبق: يُعرض عليه ممالك، سلطان ومجد. فيدّعي الشّرّير توسيع حال محصورة بالله إلى طموحات بشريّة: يعد بحياة سـهلة للّذين يخضعون له وللأصنام، لكنّ ربّنا يعيد العبادة إلى غايتها الوحيدة والحقّة: ألله . فيؤكّد من جديد إرادته بأن يَخدم: "إذهب، يا شيطان ! لأنّه مكتوب: للرّبّ إلـهك تسجد وإيّاه وحده تعبد"[28].

لنأخذ العِبرة من موقف يسوع. وقد رفض طوال حياته على الأرض، المجد الّذي يعود له، لأنّه، هو من يحقّ له أن يُعامل كإله، إتّخذ صورة العبد والخادم[29]. هكذا يتعلّم المسيحيّ أنّ لله وحده يعود كلّ مجد، وأنّه لا يستطيع أن يستعمل عظمة الإنجيل السّامية كوسيلة في خدمة المطامح والمصالح البشريّة.

لنتعلّم من يسوع. إنّ موقفه الرّافض لكلّ مجد بشريّ يتناسب تمامًا مع عِظم مهمّة وحيدة: مهمّة ابن الله الحبيب الّذي يتجسّد ليخلّص البشر. مهمّة أحاطها الآب باهتمام كلّه حنان: "انت ابني وأنا اليوم ولدتك. سلني فأعطيك الأمم ميراثًا"[30].

إنّ المسيحيّ الّذي يتبع المسيح، ويحيا في هذه الحال من العبادة الكاملة للآب، يتلقّى هو أيضًا من الرّبّ تأكيد اهتمام محبّ: "أنجّيه لأنّه تعلّق بي، أمجّده لأنّه عرف اسمي"[31].

قال يسوع كلاّ للشّيطان، لأمير الظّلمات. فحلّ النّور حالاً. "ثمّ تركه إبليس، وإذا بملائكة قد دنَوا منه وأخذوا يخدمونه"[32]. لقد وصل يسوع إلى ختام الإمتحان. إمتحان حقيقيّ لأنّه، بحسب تعليق القدّيس أمبروسيوس: "لم يتصرّف بصفته إلـهًا، مستعملاً قدرته (لأنّه والحالة هذه، ما كانت الإفادة من الإقتداء به) لكنّه وبما أنّه إنسان، قد استعان بالوسائل الحائز عليها وهي مشتركة بيننا"[33].

إنّ الشّيطان، بِرِياء، إستشهد بالعهد القديم: "لأنّه أوصى ملائكته بك، ليحفظوك في جميع طرقك"[34]. لكنّ يسوع، رافضًا أن يجرّب أباه، يعيد لـهذا المقطع الكتابيّ معناه الحقيقيّ. ومكافأة لأمانته، عند حلول السّاعة، يحضر مرسَلو الله أبيه ليخدموه.

إنّه لمن المفيد أن نلاحظ الطّريقة الّتي استعملها الشّيطان مع سيّدنا يسوع المسيح: إنّه يأخذ حججه من مقاطع من الكتب المقدّسة، مزايدًا ومحرّفًا معانيها بطريقة مجدِّفة. لكنّ يسوع لا يقع في الفخّ: ألكلمة الّذي صار جسدًا يعرف جيّدًا الكلام الإلـهيّ، المكتوب لأجل خلاص البشر وليس من أجل ارباكهم والحكم عليهم. فمن كان متّحدًا بيسوع المسيح بالحبّ، يمكننا الإستنتاج، لن ينخدع بتلاعب احتياليّ للكتاب المقدّس، لأنّه يعلم بأنّها عمليّة مميِّزة للشّيطان، إذ يحاول خداع الضّمير المسيحيّ، بتقديم البراهين، بمَكر، مستعملاً التّعابير نفسها الّتي استعملتها الحكمة الأزليّة، محاولاً تبديل النّور إلى ظلمات.

لنتوقّف قليلا عند تدخّل الملائكة في حياة يسوع: فإنّنا سوف نعي بذلك دورهم أكثر - والمهمّة الملائكيّة - في كلّ حياة بشريّة. إنّ التّقليد المسيحيّ يصف الملائكة الحرّاس على أنّـها أصدقاء كبار، يضعها الله بالقرب من كلّ إنسان لمرافقته طوال طريقه. فلـهذا السّبب إنّه يدعونا إلى مقاربتها بتواتر، واللّجوء إليها.

لذلك فإنّ الكنيسة تذكّرنا من خلال تأمّلنا لـهذه المقاطع من حياة المسيح، أنّه في فترة الصّوم هذه، حيث نقرّ بأنّنا خطأة، واعون لحقاراتنا، ومهتمّون بأن نتطهّر، يوجد للفرح أيضًا مكان. لأنّ الصّوم هو زمن قوّة النّفس والغبطة الدّاخليّة: فعلينا إذاً أن نمتلىء شجاعة، لأنّ نعمة الرّب لن تنقصنا، ولأنّ الله سيكون إلى جانبنا، فيرسل ملائكته لتكون رفيقة سفرنا، ومرشدتنا الفطنة طوال الدّرب، والمعاونة في مشاريعنا كافّة. "على أيديهم يحملونك، لئلاّ تصدم بحجر رجلك"[35]، يتابع المزمور.

يجب معرفة كيفيّة مقاربة الملائكة. إلتجئ الآن إليها، قل لملاكك الحارس، بما أنّك منسحق القلب "إنّ مياه الصّوم هذه الفائقة الطّبيعة لم تطفُ على سطح نفسي، لكنّها قد بلّلتها".

إسألـها أن تقدّم للرّبّ هذه الإرادة الطيّبة الّتي أنبتتها النّعمة من حقارتنا، كزنبقة تتفتّح في القمَّة. "أيّتها الملائكة الحارسة، دافعي عنّا في المعركة، كي لا نـهلك يوم الدّينونة الرّهيبة"[36].

بُنُوّةٌ إِلَهِيَّةٌ

كيف تُشْرَحُ هذه الصّلاة الواثقة، هذا التّأكيد بأنّنا لن نـهلك في المعركة؟ إنّه اقتناع ينبع من حقيقة بنوتّنا الإلـهيّة، الّتي لن أملّ إطلاقاً من الإعجاب بـها. هذا الرّبّ الّذي يسألنا أن نتوب في زمن الصّوم هذا، ليس سيّدًا ظالمًا، ولا قاضيًا صارمًا وبلا شفقة: إنّه أبونا. إنّه لا يحدّثنا عن آثامنا، وأخطائنا، ونواقص سخائنا إلاّ ليحرّرنا منها وليعدنا بعطفه وحبّه. إنّ وعي بنوّتنا الإلـهيّة يُشبع توبتنا فرحًا، ويُعلّمنا أنّنا بصدد عودتنا نحو منـزل الآب.

إنّ البنوّة الإلـهيّة هي أساس روح "عمل الله". كلّ البشر هم أبناء الله. لكن، تجاه والده، يستطيع الإبن أن يتصرّف بطرق متنوّعة. لذلك علينا أن نسعى، كأبناء، أن نأخذ بعين الإعتبار هذه الحقيقة بأنّ الله الّذي يريدنا أن نكون أبناءه، يجعلنا نحيا في منـزله، وسط هذا العالم ، ويُدخلنا في عائلته، ويعطينا ما هو له ويأخذ ما هو لنا، وينفحنا بالدّالّة والثّقة اللّتين تخوّلاننا أن نسأله، كأولاد صغار، المستحيل.

لا يغضب الله على البشر. ولا تعييه خياناتنا. فأبونا السّماويّ يغفر الخطيئة من أيّ نوع كانت عندما يعود ابنه إليه، عندما يتوب ويسأل الغفران. إنّ إلـهنا أب لدرجة أنّه يستدرك ميولنا فيسامحنا عليها، مبادراً وفاتحاً ذراعيه لنا.

تيقّنوا أنّي لا أبتدع شيئًا. تذكّروا المثل الّذي ضربه لنا إبن الله، ليجعلنا نفهم حبّ الآب السّماويّ: مَثَلَ الإبن الشّاطر[37].

"وكان لم يزل بعيدًا إذ رآه أبوه، فتحرّكت أحشاؤه وأسرع فألقى بنفسه على عُنُقه وقبّله طويلاً"[38]. هذه هي كلمات الكتاب المقدّس: قبّله طويلاً، إلتهمه بالقبلات. هل هناك طريقة أكثر تعبيرًا لوصف حبّ الله الأبويّ للبشر؟

أمام هذا الإله الّذي يثب إلى لقائنا، لا نستطيع أن نصمت. وسوف نخاطبه مع القدّيس بولس: "أبًّا، يا أبي!"[39] إذ، مع كونه خلق الكون، لا يعنيه أن نستعمل ألقابًا رنّانة. ولا يهمّه الإعتراف المشروع لسلطانه المطلق! ما يبغيه هو أن ندعوه أبًا، أن نَلَذَّ بـهذه الكلمة، وأن يملأ نفسنا فرحًا.

بطريقة أو بأخرى، إنّ الحياة البشريّة هي عود مستمرّ نحو بيت أبينا، بمساندة النّدامة؛ وتوبة القلب هذه، تفترض التّوق إلى التّغيير، والقرار الصّارم لتحسين حياتنا. ويُتَرجَمُ هذا، منطقيًّا، بأعمال إماتة وعطاء للذّات. نعود إلى منـزل الآب بواسطة سرّ التّوبة هذا، حيث، بإقرارنا بخطايانا، نلبس المسيح ونغدو هكذا إخوة، وأعضاء في عائلة الله.

إنّ الله ينتظرنا، كالأب في مثل الإبن الشاطر، فاتحًا ذراعيه، مع أنّنا لا نستحقّه. لا أهمّيّة لِدَينِنَا. على مثال الإبن الشّاطر، لنترك قلبنا يتحدّث، فنشعر بحنين المنـزل الوالديّ، نُدْهَشَ، ونغتبط لـهذه العطيّة الّتي أغدقها الله علينا، بأن نُدعى، ونكون أبناءه حقًّا ، رغم تقصيرنا الكبير أمام النّعمة،.

يا لـهذه القدرة الغريبة الّتي يمتلكها الإنسان فينسى الأمور الأكثر روعة، ويعتاد بـهذه السّهولة على السّرّ! فلنتبصّر مجدّدًا في زمن الصّوم هذا، بأنّه لا يمكن أن يكون المسيحيّ سطحيًّا. على الرّغم من غرقه كلّيًّا في عمله العاديّ، بين النّاس الآخرين، أترابه، يكدّ في العمل، كثير الأشغال، دائم التّوتّر، على المسيحيّ أن يكون في الوقت نفسه غارقًا تمامًا في الله، لأنّه ابن الله.

فالبنوّة الإلـهيّة هي حقيقة فَرِحَةٌ، سرّ منشّط. هذه البنوّة الإلـهيّة تلج حياتنا الرّوحيّة كلّها، لأنّها تعلّمنا أن نعاشر أبانا السّماويّ، فنعرفه، ونحبّه؛ وتغمر هكذا بالرّجاء صراعنا الدّاخليّ، وتُكسِبنا البساطة الواثقة الخاصّة بالأولاد الصّغار. أضف إلى ذلك: وبما أنّنا أبناء الله بالذّات، فـهذه الحقيقة تدفعنا أيضًا إلى التّأمّل بحبّ وإعجاب بكلّ الأشياء الّتي انبعثت من يدَي الله، الآب الخالق. فنغدو هكذا متأمّلين وسط العالم، مع محبّتنا للعالم.

في زمن الصّوم هذا، تعيد اللّيتورجيّا إلى ذاكرتنا نتائج خطيئة آدم في حياة الإنسان.لم يرد آدم أن يبقى إبنًا بارّاً لله، فتمرّد. لكنّنا نلاحظ أيضًا، وباستمرار، صدى هذا النّشيد - سعيدة، مغبوطة تلك الخطيئة - الّذي تنشده الكنيسة بأسرها، ألطّافح فرحًا، في صلاة السّهرة الفصحيّة[40].

في ملء الزّمن، أرسل الله الآب إبنه البكر إلى العالم ليعيد إليه السّلام؛ لكيما، عند افتداء الإنسان من الخطيئة، "نحظى بالتّبنّي"[41]، محرّرين من نير الخطيئة، قادرين على المشاركة في الحميميّة الإلـهيّة للثّالوث الأقدس. فأصبح ممكنًا للإنسان الجديد، في هذا التّطعيم الجديد ألا وهو "أبناء اللّه"[42]، أن يحرّر الخليقة بأسرها من الفوضى، بإصلاح كلّ الأشياء في المسيح[43]، الّتي صالحها مع الله[44].

بالنّتيجة إنّه زمن تكفير. لكنّ المهمّة ليست سلبيّة كما شاهدنا. فالصّوم ينبغي أن يُعَاشَ في روح البنوّة هذا، الّذي نقله المسيح إلينا والّذي يختلج في نفسنا[45]. إنّ الرّبّ يدعونا لنقترب منه، في حالة شوق لنكون على مثاله. "لنتشبّه بالله، كأبناء أحبّاء"[46]، عندما نشارك بتواضع، لكن بحرارة، بالقرار الإلـهيّ القاضي في تجميع ما كان مكسورًا، وإنقاذ ما كان ضائعًا، وإعادة النّظام حيث كانت فوضى الإنسان الخاطئ، وتوجيه ما كان ضائعًا بإتجاه هدفه الحقّ، وتجديد التّناغم الإلـهيّ في الخليقة كلّها .

تأخذ ليتورجيّة الصّوم أحيانًا نبرات مأساويّة، عندما نفكّر بما قد يعني، الإنسان، واقع ابتعاده عن الله. غير أنّ هذه النّتيجة ليست هي الكلمة الأخيرة. فالكلمة الأخيرة، يقولـها الله، هذا هو يقين بنوّتنا الإلـهيّة. لـذلك أكرّر اليوم مع القدّيس يوحنّا: "أنظروا أيّة محبّة خصّنا بـها الآب لندعى أبناء الله وإنّنا نحن كذلك"[47]. أبناء الله، إخوة الكلمة المتجسّد، ذاك الّذي قيل عنه: "فيه كانت الحياة، والحياة نور النّاس"[48]. أبناء النّور، إخوة النّور، هذا ما نحن عليه. حاملو المشعل الوحيد القادر على إضرام القلوب المصنوعة من لحم.

ألآن وفيما أترك للصّمت مكانًا لإكمال الذّبيحة المقدّسة، فليبدأ كلّ فرد بالنّظر إلى ما يريده منه الرّبّ، ما هي المقاصد، ما هي القرارات الّتي تريد النّعمة أن تبعثها فيه. وفيما نرفع هذه المقتضيات الفائقة الطّبيعة والبشريّة من بذل للذّات، ومقاومة، تذكّروا أنّ يسوع المسيح هو مثالنا. وأنّ يسوع، مع كونه إبن الله، سمح بأن يُجَرَّبَ، كيما نمتلئ شجاعة ونكون واثقين من النّصر. فهو لا يخسر معارك، وإذا ما وُجِدْنا متّحدين به، لن نُقهر أبدًا، إنّما يمكننا أن ننسب لأنفسنا لقب المنتصرين، ونحقّقه فعلاً بأن نكون أبناء لله بررة.

لنكن فرحين. إنّي فرح فيما يعود إليّ. ولكن إذا ألقيت نظرة على حياتي، عبر فحص شخصيّ للضّمير، والّذي يقتضيه زمن الصّوم اللّيتورجيّ ، فلا يمكنني أن أكون سعيداً. إنّما أنا سعيد، لأنّي متأكّد مرّة أخرى، بأنّ الرّبّ يبحث عنّي، وهو أبي باستمرار . إنّي أعلم أنّنا، بقرار ونور وعون النّعمة، سوف نكتشف ما يجب إحراقه، فنحرقه: وما يجب انتزاعه، فننتزعه؛ وما ينبغي أن نعطيه، فنعطيه.

إنّ المهمّة ليست سهلة بالطّبع. ولكن يمكننا الإعتماد على تلك الدّرب الواضحة المسار، والحقيقة الرّائعة، الّتي لا نستطيع تجاوزها ألا وهي محبّة الله لنا؛ وسوف ندع الرّوح القدس يعمل فينا، ويطهّرنا، فنضمّ ابن الله على الصّليب، ونقوم بعد ذلك معه، لأنّ فرح القيامة متجذّر في الصّليب.

يا مريم، يا أمّنا، تشفعّي فينا عند ابنك، ليرسل لنا الرّوح القدس، ألّذي ينعش في قلوبنا قرار السّير بأقدام ثابتة وواثقة، مدوّيًا في أعمق أعماق نفوسنا، بذاك النّداء الّذي غمر بالسّلام استشهاد واحد من المسيحيّين الأوائل: "تعال، عد إلى أبيك الّذي ينتظرك"[49].


1- مز 90 : 15 (مقدّمة القدّاس)

2- مز 90 : 15 (مقدّمة القدّاس)

3- مز 50 : 19

4- مز 90 : 1 (مقدّمة القدّاس)

5- يو 3 : 30

6- غل 2 : 20

[7] - القدّيس أغوسطينوس، “Sermo”, 169, 15 (PL38, 296)

8- لو 9 : 23

9- القدّيس جيروميوس، “Epistola”, 121 , 3 (PL 22 , 1013)

10- أف 5 : 8 – 10

11- 2 قور 6 (رسالة القدّاس)

12- غل 6 : 7

13- 2 قور 6 : 2 (رسالة القدّاس)

14- أش 43 : 1

15- 2 قور 6 : 2 (رسالة القدّاس)

16- 1 صم 3 : 5

17- متى 22 : 37

18- القدّيس أغوسطينوس، “Sermo”, 34 , 4 , 7 (PL 38 , 212)

19- 2 قور 6 : 4 (رسالة القدّاس)

20- 2 قور 6 : 4 – 7

21- ر. متى 4 : 1 – 11

22- ر. عب 4 : 15

23- ر. يو 2 : 1 – 11

24- ر. مر 6 : 33 – 46

25- ر. متى 27 : 55

26- ر. يو 4 : 4 وما يتبع

27- ر. لو 8 : 23

28- متى 4 : 10

29- ر. فل 2 : 6 – 7

30 - مز 2 : 7

31- مز 90 : 14 (في القدّاس).

32- متى 4 : 11

33- القدّيس امبروسيوس، “Expositio Evangelii secundum Lucam”, 1 , 4 , 20 (PL 15 , 1525)

34- مز 90 : 11 (في القدّاس)

35- مز 90 : 12 (في القدّاس)

36- صلاة لمار ميخائيل رئيس الملائكة، مأخوذة من الأعياد اللّيتورجيّة في كتاب القدّاس الرّومانيّ .

37- ر. لو 15 : 11، وما يتبع

38- لو 15 : 20

39- روم 8 : 15

40- ألإعلان الفصحيّ

41- غل 4 : 5

42- ر. روم 6 : 4 – 5

43- ر. أف 1 : 5 – 10

44- ر. قول 1 : 20

45- ر. غل 4 : 6

46- 1 يو 3 : 1

47- 1 يو 3 : 1

48- يو 1 : 4

49- مار اغناطيوس الإنطاكيّ، “Epístola ad Romanos”, 7 , 2 (PG 5 , 694)