البابا للشباب: لا يمكن اتباع المسيح بصورة منفردة

دعا بندكتس السادس عشر الشباب خلال الاحتفال بالقداس الختامي ليوم الشبيبة العالمي السادس والعشرين في مدريد، إلى "عدم الاستسلام لإغراء عيش إيمانهم بصورة منفردة" ووفقاً لـ "ذهنية فردية"، إذ يوشكون بذلك على "عدم لقاء يسوع أبداً". وذكر بأهمية السير مع المسيح "في شركة الكنيسة".

السير مع المسيح في شركة الكنيسة

دعا بندكتس السادس عشر الشباب خلال الاحتفال بالقداس الختامي ليوم الشبيبة العالمي السادس والعشرين في مدريد، إلى "عدم الاستسلام لإغراء عيش إيمانهم بصورة منفردة" ووفقاً لـ "ذهنية فردية"، إذ يوشكون بذلك على "عدم لقاء يسوع أبداً". وذكر بأهمية السير مع المسيح "في شركة الكنيسة".

وبعد العاصفة التي ضربت قاعدة "كواترو بيينتوس" الجوية خلال أمسية البابا مع الشباب مساء السبت 20 آب 2011، عادت الشمس لتشع في اليوم التالي، ولدى وصوله، وبعد أن استقبله الملك خوان كارلوس والملكة صوفيا، وجه البابا رسالة مشجعة للشباب الذين أمضوا الليلة الباردة في العراء. فقال: "لقد فكرت بكم كثيراً. أرجو أن تكونوا قد تمكنتم من النوم على الرغم من رداءة الطقس. وأنا أكيد من أنكم استيقظتم هذا الصباح رافعين أعينكم إلى السماء أكثر من مرة، وليس فقط أعينكم وإنما أيضاً قلوبكم".

وقد شارك في هذا القداس عدد يتراوح بين المليون والنصف والمليونين. ولأسباب أمنية، تم إرشاد عدد من الحجاج الذين وصلوا إلى الساحة للمشاركة في القداس الختامي للبابا إلى أماكن أخرى وضعت فيها شاشات عملاقة.

خلال العظة، خاطب بندكتس السادس عشر الحجاج الشباب قائلاً: "برؤيتكم هنا آتين بأعداد غفيرة من كافة أرجاء الأرض، يمتلئ قلبي فرحاً إذ أفكر في المحبة الاستثنائية التي ينظر بها يسوع إليكم. أجل، الرب يحبكم ويدعوكم أحباءه".

وإذ ذكر بأن الإيمان يستلزم "علاقة شخصية" مع المسيح، "تسليم شخصنا كله، بذكائه وإرادته ومشاعره، لإظهار الله لذاته"، دعا البابا الشباب إلى الاستجابة للمسيح "باندفاع وشجاعة".

واقترح عليهم ما يلي: "قولوا له: يسوع، أعلم أنك أنت ابن الله، أنك بذلت حياتك من أجلي. أريد اتباعك بأمانة والاهتداء بكلمتك. أنت تعرفني وتحبني. إني أثق بك وأضع حياتي بين يديك. أريدك أن تكون القوة التي تدعمني، الفرح الذي لا يفارقني أبداً".

"أحبوا الكنيسة التي أوجدتكم في الإيمان"

بالاستناد إلى مقطع من إنجيل اليوم، "أنت الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي"، ذكر البابا بالرابط المتين الذي يوحد الكنيسة بالله. "الكنيسة ليست مجرد مؤسسة بشرية، كأي مؤسسة أخرى، بل إنها متحدة بثقة بالله"، حسبما قال مضيفاً: "الكنيسة لا تستقي حياتها من ذاتها، بل من الرب. فهو حاضر وسطها، وهو يعطيها الحياة والغذاء والقوة".

وفيما حث البابا الشباب على جعل المسيح "محور" حياتهم، ذكر أيضاً بأن "اتباع يسوع في الإيمان يعني السير معه في شركة الكنيسة".

كما شدد قائلاً: "لا يمكن اتباع يسوع بصورة منفردة". وأضاف: "من يستسلم لإغراء السير "بمفرده" أو عيش الإيمان وفقاً للذهنية الفردية المهيمنة في المجتمع يوشك ألا يلتقي أبداً بيسوع المسيح، أو ينتهي به الأمر إلى اتباع صورة مزيفة عنه".

"أحبوا الكنيسة التي أوجدتكم في الإيمان"، أضاف البابا موصياً المشاركة في قداس الأحد، ونيل سر المغفرة بكثرة، والأمانة للصلاة والتأمل بكلمة الله.

ختاماً، دعا الشباب إلى الشهادة لإيمانهم "أينما كنتم، حتى في الأماكن التي يوجد فيها رفض ولامبالاة". "لا يمكن لقاء المسيح وحجبه عن الآخرين. إذاً، لا تتركوا المسيح لأنفسكم. انقلوا إلى الآخرين فرح إيمانكم. العالم بحاجة إلى شهادة إيمانكم، هو بالتأكيد بحاجة إلى الله".

وقال البابا أخيراً: "وعليكم أيضاً يتحتم الواجب الاستثنائي بأن تكونوا تلاميذ ورسل المسيح في أراض وبلدان أخرى حيث يوجد العديد من الشباب الذين يطمحون إلى أمور عظيمة جداً والذين إذ يكتشفون في قلوبهم وجود قيم أكثر أصالة لا يسمحون لأنفسهم بالضلال بفعل الوعود المزيفة لأسلوب عيش لا مكان فيه لله".

إرسال الشباب للتبشير

عقب هذا الاحتفال الختامي ليوم الشبيبة العالمي، كانت الكلمة للكاردينال ستانيسلو ريلكو، رئيس المجلس الحبري للعلمانيين، الذي شكر البابا وأعلن إرسال البابا الشباب للتبشير في العالم.

بعدها، بارك البابا الصلبان الصغيرة التي نالها كل شاب في حقيبة الظهر الخاصة بكل حاج.

وبصورة رمزية، سلم هذا الصليب لخمسة شباب يمثلون القارات الخمس. من بين هؤلاء الشباب، هناك الفرنسي ماكسيم فوكار الذي سيغادر قريباً كمتطوع إلى الفيليبين مع منظمة التضامن الدولية فيديسكو.

ماكسيم فوكار البالغ من العمر 28 عاماً تخلى عن عمله في أفينيون ليقدم سنتين من حياته لخدمة الأكثر حرماناً: وسينضم إلى مؤسسة تولاي نغ كاباتان التي تعنى بمساعدة الأطفال الأكثر فقراً في شوارع العاصمة الفيليبينية وأحيائها الفقيرة.

وسط هتافات الشباب القادمين من العالم أجمع، تلا بندكتس السادس عشر لاحقاً صلاة التبشير الملائكي. وبعدها، كان ينبغي على البابا التوجه إلى مقر السفارة البابوية في مدريد لتناول طعام الغداء مع الكرادلة الإسبان وأعضاء الحاشية البابوية.