مغامرة تقوية العائلة

تعمل زينة بدوام كامل، وتسعى إلى التوفيق بين عملها وعائلتها، كونها متزوّجة وأمّ لولدين. تُحدّثنا عن خبرتها وعن مبادرة "الإرشاد العائليّ" التي تقوم بها، والتي تسعى إلى مساعدة الأهل في دورهم التروبي، وتشرح لنا كيف تساعدها التنشئة المسيحيّة التي تتلقاها في الـ"أوبس داي" على إتمام كل ذلك.

تشاركنا زينة طراد بركات بخبرتها كإمرأة عاملة وربّة منزل، وكمواطنة تسعى إلى تحسين وحماية مجتمعها، وقد اختارت الإنطلاق بالـ"الإرشاد العائلي"، كوسيلة لمساندة وتطوير مهارات الأهل التربويّة في مختلف مراحل حياة الطفل، وبالتالي، حماية العائلة والعلاقات الأسريّة.

متزوّجة من السيد فؤاد بركات منذ أحد عشرة سنة، وأمّ لولدين: فتاة في التاسعة من عمرها وصبي في السادسة. تشرح زينة، كيف أنها، وفي السنوات الأولى من زواجها، كانت قد أبدت "إهتمامًا كبيرًا لتربية الأولاد، ليس عبر الإهتمام فقط بنجاحهم الأكاديمي، إنما عبر الإهتمام بتنمية شخصيّتهم على مختلف الأصعدة، ومساعدتهم على التمتّع بقناعات ثابتة"، مشيرة إلى أهميّة تعزيِز وحدة الأسرة في ما يتعلق بالتربية إذ إن هذه المؤسسة "تلعب دورًا أساسيًا في مساعدة الأولاد على تخطّي مختلف اختبارات الحياة عبر تأمين القوّة اللّازمة لهم لذلك".

وتقول: "قبل انطلاقتنا زوجي وأنا في مغامرة "الارشاد العائلي" هذه، كنتُ قد شاركتُ سابقًا في مؤتمرات في بيروت أعدّها "الإتحاد الدولي للتطوير العائلي" في لبنان فاكتسبتُ خبرةً كفيلة بأن تساعدني في التقدّم في مهمّتي كمرشدة". إذ إنها اليوم، وإلى جانب زوجها فؤاد، وهو عضو في الـ"أوبس داي"، ومجموعة صغيرة من المتزوّجين، قد بدأت بتطبيق التقنيات التي طورّها هذا الإتحاد الدولي بهدف مساعدة الأسر الناشئة على إتمام مهامها التربوية في لبنان، لما لذلك من إنعكاسات إيجابية على المجتمع.

وفي خلال مقابلة أجرتها معها قناة MTV اللبنانيّة، تفسّر لنا زينة ما هو "الارشاد العائلي".

يشكّل "الإرشادَ العائلي" مبادرة منفتحة على جميع الطوائف الدينية، إلّا أنّ الأشخاص الذين يتكفّلون بمنح الارشاد يسعون للتقرّب من الله. وتعتبر زينة أنه "ينبغي علينا أن نكون أقوياء كي نتمكّن بدورنا من مساعدة الآخرين في هذة المهمّة الكبيرة: تكوين أسرة وتربية الأولاد. فعلى الصعيد الشخصيّ، أنا امرأةٌ تصلّي وقريبةً من الله وأعتقد أن هذا ما يبقيني صامدة رغم الصعوبات".

سأواصل المشاركة في وسائل التنشئة المسيحيّة حتّى ولو توقّف العالم عن الدوَران!

تشرح زينة كيف تساعدها التنشئة المسيحية التي تتلقاها في أحد مراكز حبرية الـ"أوبس داي" في لبنان على إتمام واجباتها العائلية والإجتماعية: " أنا "معاونة" في الحبريّة منذ سنتين (لمعرفة المزيد عن معاوني الحبريّة، إضغط هنا). وبالرغم من أنّني شعرتُ في البداية أنّه عليّ القيام بـ"أمورٍ أخرى" تحول دون التزامي التّام ببرنامج تنشئة مسيحيّة، إلّا أنني أدركتُ مع الوقت أن هذه التنشئة بالذات هي ما قد يساعدني على النّجاح في كافة تلك "الأمور". وها إنّي الآن مزعمة على المواصلة في المشاركة في وسائل التنشئة المسيحيّة حتّى ولو توقّف العالم عن الدوَران!". وتتابع: "لقد علّمتني حبريّة "عمل الله" (أوبس داي) كيفية عيش كل لحظة من حياتي كمسيحيّة صالحة: أثناء عملي المهَني أو وسط أسرتي أو في أي مكان آخر، واضعةً ثقتي بالله، وعلى هذا النحو، تساهم طريقة العيش هذه بدورها في تكملة عملي في الإرشاد العائلي".

متى بدأتِ العمل في هذا البرنامج وكيف؟

"سافرتُ وعائلتي سنة 2014 إلى بلدة مدريد للمشاركة في تطويب المطران ألفارو دل بورتيّو، وهو خليفة القدّيس خوسيماريا اسكريفا – مؤسّس حبريّة عمل الله. وتعرّفتُ هناك على لويز -وهي شابة فرنسيّة الجنسية، متزوجة من شابٍ لبناني، وينتمي الاثنان إلى "عمل الله"-، وتبادلنا الحديث حول تربية الأولاد. فأخبرتني بأنها تعمل في مجال الارشاد الأسري في مدينة بيروت وطلبت مني مساعدتها في هذا العمل إذا ما كنت أرغب بذلك، ولكن باحترافٍ وجديّة.

قبلتُ "التحدي" والتزمت به. وقد دفعني بل شجّعني عملي المهني على القيام بنشاطات الارشاد العائلي.

شكّل لي هذا الطلب في بادئ الأمر تحدّيًا صعبًا، بسبب عملي في دوامٍ كامل إضافةً إلى اهتماماتي بأفراد أسرتي وبمهام المنزل. وكانت مهمّتي تقضي بتوسيع نشاطات الارشاد نحو قضاء كسروان. لكنني قبلتُ "التحدي" والتزمت به. وقد شجّعني زوجي على ذلك، وهو دائمًا الداعم الأول لي في هذه المهمّة. ودفعني بل شجّعني عملي المهني أيضًا على القيام بنشاطات الارشاد العائلي: فأنا مسؤولة عن شؤون الطلبة في إحدى الجامعات اللبنانية وأستمع دائمًا إلى هموم الطلاب ومشاكلهم ويُعاني بعضهم من مشاكلٌ سلوكيّة وعائليّة تؤثّر سلبًا على قدراتهم الذهنيّة لاستيعاب موادّ الجامعة. وقد استخدم الله ما كنت أسمعه وأراه ليُفهمني أنّه عليّ أن أكون قريبة جدًا من أولادي وأن أهتم بجميع حاجاتهم، إذ إنني قد لاحظت جيّدًا كيف تؤثّر علاقة الوالدَين ببعضهما البعض وعلاقتهما بالأولاد على الأبناء وكيف تترك فيهم آثارًا عميقة".

ما الذي يجعل من الارشاد العائلي مهمًّا؟

"تحدث مشاكلٌ كثيرة في البيت، يوميًا. ورغم أنها غالبًا ما لا تكون خطيرة بحدّ ذاتها، ولكن في معظم الأحيان لا يتمكن الوالدان من مواجهتها، فيدفع الأولاد الثمن. وقد تتحول الأمور الصغيرة إلى مشاكل أكبر بسبب جرج المشاعر الذاتيّة أو إختلاف وجهات النظر والتشبّص بالرأي، فيُضحي الوالدان مكتوفَي الأيدي أمام الأولاد.

لذلك، عندما ندرس بعمق وبتأنٍّ أفضل طريقة لتربيةٍ كل فئة عمريّة كما نفعل في الإرشاد العائليّ، نصبح فعلًا قادرين على مساعدة أولادنا عبر دفعهم وحثّهم على القيام بأمورٍ معيّنة وبترك أمور أخرى إلى وقتٍ لاحق. ولمعرفة كيفيّة القيام بذلك، نرى أننا بحاجة إلى طلب مشورة أشخاص آخرين بإمكانهم مساعدتنا. وفي أثناء الحصص المخصّصة للارشاد، نعرض أمثلة حيّة وعمليّة لنحلّلها معًا. وكوننا بعيدون عن الحالة المدروسة بحدّ ذاتها في الجلسة، لا نتأثّر حينها بمشاعرنا الذاتيّة كما هو الحال عندما نكون وسط المشكلة. وهكذا، نتمكّن من فهم الأمور واستيعابها أكثر من لحظة وقوع المشكلة، وبالتالي نفهم أيضًا كيفيّة التعامل معها.

أخيرًا، نساعد الوالدَين عبر الارشاد الأسَري على إيجاد الوسائل المناسبة التي ستمكّنهما من حل المشاكل العائليّة الناتجة عن الحياة اليوميّة على أنواعها من دون الحاجة إلى اللجوء إلى عالِم نفسي. فهنا نتعلّم كيفيّة حلّها بفرح".