الإمرأة في قلب السّياحة الرّيفية والتّنمية

نستعرض هنا قسم من مقال منشور في الصّحيفة اللّبنانيّة "L'orient le Jour" يتحدّث عن مبادرة إجتماعيّة من قبل أعضاء "عمل الله" ( أوبس داي - Opus Dei ) في لبنان.

معهد للدّراسات الإداريّة يقدّم دروساً متدرّجة، ويساعد الطّالبات على تحقيق مشاريعهنّ.

طريق ضيّقة تدخل بين البراري الخضراء وحقول الزّيتون، بيوت لبنانيّة تراثيّة قديمة منتشرة في الجبال والوديان... وفي الأسفل يطلّ البحر الأبيض المتوسّط!

علينا القيادة حوالي الخمسة عشرة دقيقة في السيّارة في الريف، من جبيل للوصول إلى معاد.

وهنا، جوليانا نجم، أحد مؤسّسي جمعيّة Prodes ورئيسة معهد الإدارة والخدمات المخصّص للنّساء والّذي يؤمّن دورات تدريبيّة في مجال الإدارة والسّياحة الرّيفيّة، قد اتّخذت مقراً قريب من المعهد الّذي إفتتح عام ٢٠٠٤.

المعهد يقدّم دراسات موزّعة على سنتين أو ثلاثة للنّساء والفتيات اللّواتي يعشن خارج المدينة واللّواتي يرغبن في العمل في مجال السّياحة، و هو مجهّز بأحدث المعدّات. وتُعطى هنا صفوف في إدارة الأعمال والمحاسبة، في الإدارة، تعلّم الطّهي، والحِرف والتّصميم والدّيكور الدّاخلي وصيانة المباني...

يجب على الطالبات القادمات من مختلف الأراضي اللّبنانيّة ولاسيّما قضاءي بشرّي والبترون، تقديم مشروع عن السّياحة المستدامة، وقد يتمّ تبنّيه أو دعمه من قبل إحدى البلديّات أو المؤسّسات السّياحيّة. على سبيل المثال، إنشاء “Bed and breakfast"، إنشاء دوائر سياحيّة في القضاء، أو إنشاء مشروع غذائي يسمح ببيع المنتجات المحليّة.

جوليانا تتحدّث بفخر عن مشاريع الدبلوم الخاصّة بفتيات ال-IMS : إحداهنّ من بلدة "البوار"، وهي قرية ساحليّة صغيرة في كسروان، تريد أن تتسلّم المخبز الّذي تديره والدتها مع الحفاظ على طعم وجودة نوعية المنقوشة التقليديّة.

فتاتان اخرتان من حصرون، نفذتا خطة سياحيّة متكاملة لقضاء بشرّي، مع توفير الإتّصالات والخدمات للآتين من بيروت: مطاعم، أدلّة، حافلات، مواقع أثريّة للزّيارة،...

فتاة أخرى، وبدعم من بلديّة "زيتون" في قضاء جبيل، سعت لإنشاء ملصق للبضائع والمونة التي تحضّرها أمه، والتي كانت تهدف في البداية للإستهلاك المنزلي فقط. فقرّرت بيع المربى واللبنة والمخللات... إلى جانب منتوجات أخرى، في المدينة والمناطق المجاورة. وعلى الرّغم من أن الولد لا يأخذ هذه المهمة على محمل الجدّ، فكل الأسرة تشارك اليوم في الطبخ.

الـIMS لا تقتصر فقط على اعطاء الصّفوف وحسب، بل تساعد الطّالبات على تحقيق مشاريعهنّ ووضعهم على إتصال مع مختلف الشّركات السّياحية والمنظّمات الغير حكوميّة، والاستشاريّين... ولتشجيعهنّ على العمل مع البلديّات!

العودة الى الجذور

وتشير جوليانا في هذا الإطار إلى أنه "من المهمّ الحفاظ على التّقاليد الريفيّة وتمكين النّاس الّذين يعيشون بعيداً عن المدينة من البقاء في الرّيف... ومن خلال إنشاء هذا النّوع من المشاريع، يمكن للعائلات كسب المال والعيش من دون أن يُجبروا على النّزول إلى المدينة وترك قراهم، أو حتّى الهجرة!".

وتوضح: "رسالة القدّيس خوسيماريا اسكريفا دي بالاغير، مؤسّس "عمل الله" (أوبس داي - Opus Dei )، دفعتني دائماً إلى إكتشاف القيم الحقيقيّة للحياة، ووضع معرفتي وخبراتي العمليّة والمهنيّة في خدمة المجتمع والآخر. وهو شجّع ودعا المهاجرين إلى العودة إلى بلادهم لوضع معرفتهم في خدمة أبناء وطنهم!

الكلمات الشّهيرة للبابا يوحنا بولس الثاني "لبنان هو أكثر من بلد، لبنان رسالة"، ينمّي فيّ فكرة توطيد السّلام في بلدنا والعمل على الأمد الطّويل. وإعطاء الأمل للشّباب للعيش في بلد مستقرّ حيث يمكنهم بناء مستقبلهم".

وفي تلك النّظرة والقناعة، قد شاركَت في تأسيس جمعيّة Prodes (تعزيز للتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة) عام ١٩٩٨. وتهدف هذه المنظمة غير الحكوميّة إلى تنظيم وتنفيذ أنشطة ومشاريع سياحيّة واجتماعيّة وإنسانيّة وثقافيّة في جميع المناطق اللبنانية.

لهذه الأنشطة مجالين رئيسيين هما: التدريب المهني والنهوض الاجتماعي.

انه معدّ للنّساء في المناطق الريفيّة، ولهذا السّبب تأسّس معهد معاد. ومنذ العام ٢٠٠٤ حوالي ال-٦٠٠ امرأة من قرى مختلفة شاركن في دورات تدريبيّة، بما في ذلك التّدريب على استخدام الحاسوب والمحاسبة والتسويق بالتعاون مع منظمة AEP، والّلغات، والصّحة والتّغذية والطّبخ والدّيكور، والحرف، إلى جانب المشاركة في المعارض الّتي تنظّمها المنظّمات غير الحكوميّة المحليّة.

٢٣ - ٥ - ٢٠١٣